مقدمات في علمانية المخيال أو اليوطوبيا
النقاش حول العلمانية يبدو مثل نزلة البرد الموسمية، يأتي ثم يذهب بشكل مفاجئ و محفوف بالحماسة و العواطف الجياشة و لكن أيضا بكثير من الشعارات التافهة، و ليس ذلك إلا مظهرا آخر من السطحية الفكرية السائدة التي تتعامل مع مسائل مصيرية نظير تعاملها مع أي القنوات الفضائية الغنائية علينا أن نشاهد أو ما إذا كان يجب أن نعين مدربا تونسيا أو أجنبيا لقيادة منتخب الكرة... أي تعاملا ينصاع لمقتضيات الموضة و التظاهر بالمعاصرة و حديث المقاهي. في الحقيقة ليس لدي في هذه الأيام تحديدا الوقت للرجوع للنقاش بالشكل المطلوب. لكن سأعرض أولا عددا من النقاط المرتجلة ثم أقدم مقتطفات مقال كنت بصدد تحضيره و لم يكتمل بعد في اتجاه الدفع نحو نقاش أكثر مدعاة للاهتمام من التبادل المعتاد لشعارات طفولية...
هناك مجموعة من الأسئلة التي تستحق بحثا عميقا: يسارع البعض لتطمين مواطنيهم التونسيين بأن العلمانية لا تعني معاداة الدين... لكن هذه المصادرة النظرية لا تجيب على الظاهرة الواقعية قائمة الذات التي نحن بصددها: لماذا يهيمن على الخطاب العلماني التونسي شخوص منتمية لتيارات "لادينية" و "لا أدرية"؟ (بالمناسبة هناك طبعا مجموعة قليلة من المفكرين المتدينين المعروفين بوصفهم علمانيين مثل عبد الوهاب المسيري لكن "علمانية" هؤلاء شددية الاعتدال و لا يقع رفعها بوصفها "حلا فوريا و نهائيا".. أنظر مثلا هذا الحوار الأخير في مجلة الآداب مع المسيري).. إذا كيف يمكن لنا أن نفسر ذلك؟ أعتقد أن الإجابة الأكثر إحتمالا أن المطلب العلماني لهؤلاء يندرج ضمن مقتضيات رفض هيمنة الشعور الديني على المجتمعات التي يعيشون ضمنها... لكن ألا يعني أن هذا المطلب يندرج في نهاية الأمر ضمن حاجات الخلاص الفردي لمجموعة غير سائدة؟ طبعا يجيب البعض بأن ذلك تحديدا هو "جوهر العلمانية" أي ضمان حقوق الأقلية مثلا في ممارسة حقوقها اللادينية (و هو ما يعني عمليا مطالب مصيرية في مستوى مثلا فتح المطاعم في رمضان لضمان حق الإجهار بالإفطار..)... لكن نأتي الآن للسؤال الأكثر أهمية: هل يكفي ذلك لكي تكون العلمانية مطلبا ملحا في اللحظة التاريخية الراهنة؟... في نهاية الأمر: ألا تصبح العلمانية، مثلما حدث في التجارب التاريخية السابقة، مطلبا تاريخيا ممكنا فقط عندما تصبح مطلبا شعبيا ضمن حزمة من المطالب السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية، و هو الأمر، إذا تحلينا بالنزاهة عند تقييم الواقع الراهن، غير القائم الآن؟
نمر هنا لحزمة أخرى من الأسئلة المرتبط بالأسئلة أعلاه و التي تحتاج لبحث معمق أيضا: هل يمكن فصل النقاش حول العلمانية عن ظروف الصراع القائم راهنا في المنطقة؟ بمعنى آخر إزاء الدور الذي يقوم به الدين عمليا في مقاومة الهيمنة الدولية و مسارات الاحتلال (بمعزل عما إذا كان ذلك يعجبنا أما لا: هو أمر واقع مثلما كانت القومية العربية ثم الماركسية اللينينة الإطار الايديولوجي لمقاومة المنطقة لمسارات الاحتلال و الهيمنة) إزاء هذه الدور الواقعي "الذي يخلط بين الديني و السياسي" (و هذه مصادرة أخرى يقع ترويجها كشعار في حين أنها تفتقد الدقة من حيث نفيها المبدئي للعلاقة بين العاملين حتى في التجارب العلمانية) إذا إزاء هذا الدور كيف يمكن ألا يصطدم مسار الصراع مع الهيمنة الأجنبية مع مطلب "التطبيق الفوري للعلمانية" بوصفها "حلا نهائيا" لمشكلات المنطقة؟ في هذه الحالة ألا نحتاج لتوجيه النقاش بعيدا عن الشعارات الخلاصية المجردة نحو نقاش أكثر واقعية يطرح علينا بدائل ممكنة إما لحسم صراع على حساب الآخر أو التوفيق بينهما (إذا كان ذلك ممكنا أصلا)؟
ثم، في اتجاه الأسئلة الأكثر عملية و بعدا عن التجريد الشعاراتي الطفولي: في مجتمع مثل مجتمعنا مازال فيه التجديد الديني في غاية الضعف (حيث إما لدينا وعاظ رسميون يفقدون المصداقية أو وعاظ متمردون ينزعون للمحافظة السلفية/الوهابية شديدة الخطورة) كيف يمكن للدولة أن تتخلى عن وظيفة تعديل الجدال الديني و الاشراف عليه؟ هل "فصل الديني عن السياسي" هو الحل لمواجهة واقع يخضع لماهو ديني و حيث الصراع فيه هو بين رؤى فكرية/دينية متباينة؟ هل هو "الحل" التاريخي (الراهن) في مجتمع أصبحت مرجعياته القيمية و الفكرية إسلامية بالدرجة الأولى؟
هذه الأسئلة لا تندرج ضمن السؤال المهمين راهنا المتسم بالجمود و الميكانيكية (هل أنت "مع أم ضد" العلمانية) بل تندرج ضمن رؤية تفهم أن الواقع أكثر تعقيد من صور "الأبيض و الأسود" الساذجة... حيث السؤال يصبح: هل تمثل العلمانية إمكانية تاريخية راهنة؟
أقدم هنا مقتطفات من مسودة مقال غير مكتمل حول ما أسميه "علمانية المخيال أو اليوطيوبيا" و الذي يمثل تواصلا للأفكار التي طرحته في مقال سابق حول الموضوع... أقوم بذلك بانتظار إستكمال كتابته بعد إنتهاء مشاغلي الأكاديمية الملحة في وقت قريب... بالمناسبة كنت برمجت سابقا مع بعض المدونين نقاشا في "الرديون" حول موضوع العلمانية أرجو أن يتم في وقت قريب
1
سيبدو، من الوهلة الأولى، من المفارق الإعلان أن المشاريع الأكثر تضادا في تصور علاقة الدين بالدولة هي الأكثر إنسجاما. غير أن ذلك تحديدا هو ما يحصل. فالتضاد في تصور طبيعة نظام الحكم في علاقته بالدين بين الشعارين الأكثر تبسيطا، جلبا للحشود و الاستثارة، "الاسلام هو الحل" و "العلمانية هي الحل"، يعكس في الواقع مقاربة منهجية متماثلة. ففي كلتى الحالتين نحن أمام خطاب سياسي شمولي يقترح حلولا مطلقة و يمارس الوعظ ("الإسلامي" أو "العلماني") و يفترض سموا قيميا ("إسلاميا" أو "علمانيا") لاغير. يعتمد مثل هذا الخطاب في حججه على "الفضيلة" ("الاسلامية" أو "العلمانية") كما هي في المجرد و ليس على مدى توافقها مع حاجات الواقع و إمكانات تحققها في الظروف الزمنية و الجيوسياسية الراهنة. فآليات الخطاب السياسي "النضالي" تفرض مصادرات مسبقة لا يمكن حيالها أن نحاول التفكير في حظوظ ممارسته. في مقابل ذلك فإن آليات التحليل العقلاني لمسألة علاقة الدين بالدولة تمنحنا مسافة إزاء الحاجة للشعار في حين تفرض علينا الانتباه بشكل خاص للواقع القائم و للعامل الجوهري الذي يلعبه مفهوم الظرفية التاريخية.
بين المستويين، الخطاب النضالي الذي يدعي حلولا نهائية و التحليل العقلاني الذي لا يبحث عن حجج للتوصل الى حل مسبق، يوجد فرق أساسي. هو الفرق بين تمني التحولات التاريخية على أساس الميول الذاتية و العمل على تحقيقها عبر "الدعاء" (يوجد، بالمناسبة، "دعاء علماني") من جهة أولى، و تحليل المعطيات الواقعية الخاصة بظاهرة ما (في هذه الحالة علاقة الدين بالدولة) و كيفيات تشكلها عبر التجارب التاريخية لتمثل إمكانيات تطورها في الواقع الراهن و المستقبل القريب من جهة ثانية. هو، في الواقع، الفرق بين حلول عالم اليوطوبيا
2
كنت حاججت أخيرا على هذا التماهي بين الخطابات الشمولية "المتناقضة" (أنظر: طارق الكحلاوي، "السرديات الشمولية لعلاقة الدين بالدولة و تاريخانيتها"، مجلة الآداب البيروتية 7/8/9، 2007، ص 13-22). و تعرضت هناك الى تمايزات الى حد التناقض بين الرؤى العلمانية نفسها و لكن التي تجنح في نفس الوقت بشكل جماعي نحو خيار اليوطوبيا عندما يتعلق الأمر بمنهج مقارباتها. هناك نماذج مختلفة عما أسميه "علمانية المخيال". أكثرها عمقا تتراوح بين الخطاب و السرد و هناك يمكن أن نجد إحالات تاريخية للتدليل على "الحق" الذي يمثله خيار "العلمانية الآن". و هنا لا يقع التعامل مع علم التاريخ بالجدية الكافية و بالشكل الذي يجعله أداة للتحليل بقدر ما يقع التعامل معه، بشكل ذرائعي، كوسيلة للتأكيد على مقولة محددة. و علي سبيل المثال، فإن كتاب مثل علي عبد الرازق و معبرين معاصرين عن رؤاه مثل التونسي محمد الشرفي
العلمانية الخطابية أو "النضالية"
3
كنت طرحت بديل التحليل العقلاني المستند الى موضوعة تاريخانية علاقة الدين بالدولة، أو مسار العلاقة بينهما عبر المراحل التاريخية المختلفة و في ظرفيات جغرافية و ثقافية متنوعة، كشرط أساسي يسبق الحسم في هموم الواقع الراهن عربيا و إسلاميا إزاء هذه المسألة (أنظر المقال المذكور أعلاه).
و إزاء تعود البعض على "الحلول النهائية" و النظر إلى المقاربات التاريخانية
(historicist approaches)
كتجوال مترف و بوهيمي في الماضي، كان من الطبيعي أن يرى هؤلاء أنه لا معنى في مقاربة المسألة من زوايا الماضي، حيث الحري حسم مسائل الحاضر. و هذه رؤية مشروعة تماما مادامت مهمومة بحاضر مثقل بتعقيدات هائلة. غير أنها تلامس خليطا من العدمية و اللاعقلانية عندما تفترض في ثناياها أن الحاضر في قطيعة مع تاريخه و أن الظواهر الانسانية المختلفة، بما في ذلك علاقة الدين بالدولة، هي ظواهر غير مسبوقة كلما حلت بنا لحظة زمنية جديدة. و سيكون من المثير خاصة أن يتم تبني هذه الرؤية من قبل أطراف "علمانية" فتنقض بذلك شرط وجودها المعلن في شعارها "العقلاني".
إن المقاربة التاريخانية تماثل مقاربة علماء الفيزياء أو البيولوجيا أو الجيوفيزياء حيث تكون دراسة المواد المتقادمة مصدرا أساسيا لفهم تطور ظواهر مادية محددة و من ثمة تفهم حالتها الواقعية الراهنة. و لهذا تحديدا يتمثل علم التاريخ موقعا عاليا في مجال العلوم الانسانية إذ أنه الأداة التي تمنح لنا قدرة ممارسة مقاربات العلوم الصحيحة و منهجها الصارم، ليس للتوصل لنتائج متماثلة في درجة إطلاقيتها، و لكن لمحاولة التعرف على الحد الأدنى من طبيعة كل ظاهرة بشرية. بهذا المعنى فإن المقاربة التاريخانية، و التي لا تعالج فقط الاختلاف الزمني بل الجغرافي كذلك، ليست مجرد تهويم في الماضي بل هي مستندة على الفعالية العلمية للمقارنة بين الظواهر البشرية في تمايزاتها الزمنية و الجغرافية في مقاربة ظواهر الحاضر.
نموذج على هيمنة المخيال و اليوطوبيا على التفكير في الظواهر الانسانية. الاشتراكية اليوطوبية
(utopian socialism)
أو "الطوباوية" (في بعض الترجمات).
12 التعليقات:
أهلا طارق
long time no see
أما الحمد الله على سلامتك
حبيت نقوللك أني نساندك الرأي فيما يخص أهمية التعامل مع مسألة العلمانية أو الدين والدولة من منظور واقعي يتعامل مع الحاضر على أنه وليد تراكمات الماضي بكل مكوناته. هذا من ناحية متوافقين عليه، ولكن،
يبدولي والله أعلم أنك في نقدك للمواقف المتشددة أو المتطرفة سواء من طرف الناس اللي ترى "العلمانية هي الحل" والأخرى اللي ترى الخلاص في الإسلام اتخذت بدورك موقف "يا أبيض يا أسود" من العلمانية نفسها، وكأن العلمانية هي علمانية واحدة، أو خليني نقول بأكثر وضوح، وكأنها علاقة الدين بالدولة ما تنجم تكون إلا علاقة تماهي وتواصل مطلق، يعني دولة دينية بنسبة مائة بالمائة، أو أنها تكون علاقة قطيعة مطلقة، يعني دولة تلغي الدين وتقصيه من دوائر تدخلها وإشرافها بصفة تامة وتقطع كل صلة بما هو ديني. بون هذا يمكن ماهوش اللي قصدتو إنتي بصفة دقيقة ولكن هذا الإنطباع اللي ظهرلي من موقفك بصفة ضمنية، يعني وكأنك تشكك في جدوى المطالبة أو الدعوة للعلمانية في الظرف التاريخي الحالي.
في هذا الإطار نتصور أنو من المهم التفكير في أن العلمانية في حد ذاتها فيها درجات، ومن المفيد أننا نقولو أنو لكل مكان وزمان درجة من العلمانية اللي تتماشى معاه، ولكن هذا ما يعنيش أنو مطلب العلمانية يصبح يوطويبي بصفة مطلقة، بالطبيعة إذا كانت علمانية تحافظ على بعدها الواقعي وتحرص على تماشيها مع محيطها الاجتماعي عموما.
هنا يصبح من المهم أننا نعرفو كيفاش ندعو للعلمانية ونوضحو البعد العملي للأشياء، وهذا يتطلب بيداغوجيا كبيرة باش ما يصيرش صدام مع المجتمع اللي يبقى محافظ عموما.
حاسيلو الموضوع شيق وما فيها باس في كل مرّة نعملو ضريبات علمانية في البلوغوسفير.
أهلا بيغ.. وينك يا راجل
فمة زوز ملاحظات: أولا، التيار السائد متاع "جماعة العلمانية" في تونس (بما فيهم الجمعية الجديدة إلي عملوها في تونس) يطالب بالفصل (هكة في المطلق) بين الدين و الدولة... يعني هذية جيدا وجهة النظر الموجودة
ثانيا، المشكل إلي نحكي عليه أنا في المقال المرة إلي فاتت و في التدوينة هذية مش أني نعتبر أنو ما فمة كان "العلمانية المطلقة"... لا بالنسبة لي أنا مش مهم "علمانية مطلقة" و إلا "متدرجة"... المهم هو الظرفية التاريخية إلي نعيشو فيها هل تتحمل العلمانية أصلا ("مطلقة" و إلا "متدرجة")... هل فعلا هي "الحل" في الواقع الراهن ("مطلقة" و إلا "متدرجة")... يعني هذاية هو الإشكال.. هاني حطيت في البداية بعض الأسئلة إلي تنجم توضح إلي نحب نقولو: أنو نغزرو للموضوع من زاوية الواقع المحيط بينا مش من منطلقات مجردة (مش مهم العلمانية ضد الدين و إلا لا في الملطق المهم أنها في وقاعنا الراهن التونسي هي أطروحة بشكل خاص متاع "اللادينيين"... يلزم نفهمو علاش... زيد علاقتها بالصراعات إلي تشق منطقتنا.. هل هي مدخل لتجاهل الصراعات هذية و بالتالي تجاهل الناس إلي مهتمة بيها.. و إلي ممكن تحتاج "إعادة هيكة بيداغوجية" بش تبرى من الاهتمام بقضايا استراتيجية تخص منطقتها؟)
هذية بعض الأسئلة الواقعية إلي هي أهم من المصادرات النظرية.. متاع و الله العلمانية محلاها... تعمل الكيف
أسمع عادة سايي حطيتك في قائمة المناقشين في الموضوع في الحوراات إلي بش نعملوها انشا الله في الرديون
ماذبيا تحطني زادة فالحوار وعماد حبيب ولو نعرفك ما تحملوش أما هو أكبر specialiste فالحكاية بالمناسبة نستنى فيك تعمل طلة عال بلوغ متاعي
بالنسبة للراديون ما نتصورش انجم نحضر معاكم، يا خويا إنتوما جماعة سهرياتكم طويلة وأنا خدام حزام نصبح كل يوم نسري، وزيد الكوناكسيون من البيرو ما تسمحليش باش ندلو بدلوي مع الوخيان على الهواء، على كل نحيي هالتجربة الحلوة والمبادرة اللي بديت بيها انتي في التدوين الصوتي، والله يعطيك الصحة
أما بالنسبة للعلمانية، وأنا وليت نفضل نستعمل عبارة "علاقة الدين بالدولة" كيف نحكي على الموضوع هذا، ما لازمناش ناقفو على أخطاء يمكن يكونو ارتكبوها الأطراف العلمانية باش نقصيو العلمانية ككل. هذا من ناحية، وزيد الأهم من هذا هو أنه من غير الثابت اليوم أن المجتمع أو الواقع ما ينجمش يقبل "درجة دنيا" من العلمانية، على الأقل في تونس أو بلدان المغرب العربي، ولعل الدليل على هذا أنها حتى البلدان اللي يرتكز فيها الحكم على أسس دينية تختلف في طريقة تعاملها مع الدين، بحيث تقرب منو ساعات وتبعد عنو في أمور أخرى، فما بالك بالعلمانية إلّي ماهيش قائمة على تنزيل العزيز الحكيم واللي من الطبيعي أنها تكون أكثر مرونة في التعاطي مع الواقع..
وجهة النظر متاعي، وهي زادة ماهيش تنزيل العزيز الحكيم، هي أولا أن العلمانية ضرورية على خاطر الدولة الدينية اليوم عندها عواقب خايبة ياسر وتجاوزها الدهر إلا في ما تأخر من الأمم، وثانيا أنها العلمانية في تطبيقها تنجم تسمح بتعاطي إيجابي للدولة مع الدين كظاهرة اجتماعية موش بالضرورة تصادم وإقصاء، أما أنو يجيني بوكشطة يحكم فيا بإسم الله فيا أخي هاذا مرفوض ولو كان بإسم حركة مقاومة الإستعمار والغزو وصراع الحضارات
يا بيغ يزيني عادة بلا ذرائع... شطر وخيانا في الرديون يتكلمو من تونس.. و لاباس (صحيح ساعات الخط يتقص لكنو يرجع و لاباس).. بالنسبة للوقت انجمو نلقاو وقت يساعد الناس الكل...
بيغ أولا الدولة الدينية قائمة الذات في مجتمعاتنا دستوريا و واقعيا... هي دلولة دينية متوارية معتدلة لكنها موجودة...
بالنسبة لرفض الناس للعلمانية فإنو صحيح ما فماش مظاهرات يومية تنادي بمعاداة العلمانية.. أما فمة سبب للحالة هذيكة: أنو حتى حد ما سمع بيها و حتى حد في تونس (بخلاف الأقلية النادرة إلي تحدثت عليه) ما هامو و إلا مقلقو أصلا الوضع الراهن فيما يخص علاقة الدين بالدولة لأنو الناس و مطالبها الملحة و مشاغلها حاجات أخرى تماما... بخلاف أنو غالبية مجتمعنا متدين بدرجة أو بأخرى و نأكدلك إلي رد الفعل الطبيعي متاعو هو أنو يرى أنو الدولة هي المطالبة بالإشراف ما هو ديني و بالتحديد التحدث بسام الاسلام...
يا بيغ بالله ماعادش تقولي مصادرات نظرية و مجردة متاع ألأعلمانية تسمح بالنشاط الديني" و مش ضد الدين... كيفما قلت المشكل مش في المصادرات النظرية...
يا بيغ بالعربي السؤال (الواقعي/التاريخي/الراهن) إلي يلزم نهتمو بيه مش ترك الدين للفضاء الخصوصي بل دمجو بأقصى شكل ضمن الفضاء العمومي في اتجاه مواجهة معضلة التجديد الديني لتفادي خطر التيار الوهابي المتعاظم... ملف كيفما هكة ما تنجمش تخليه للفضاء الخصوصي... و إلا للأقلية العلمانية (إلي غالبيتها العظمى لادينية) لأنهم كعبة لا في الملف هذاكة... التجديد الديني ما ينجم يكون ناجع و عندو تأثير طويل الأمد و عميق إلي ما يكون ناتج عن صراع من داخل المتدينين... بالمناسبة هذاية قاعد يصير في إيران مثلا وين متدينين و حتى رجال دين عاديين قاعدين ينتفضو ضد صيغة الدولة الدينية في أقصى تمثلاتها الشيعية (دولة ولاية الفقيه)...
مرة أخرى: ينجم إنت ما يهمكش في تأثير الصراعات إلي تشق المنطقة في الداخل التونسي و تحديدا في علاقة بالملف الديني... لكن في الواقع فمة تأثير (تأثير مباشر كان تحب: آلاف الشباب التوانسة معنيين بالملف هذاية من الناحية الأمنية) و يلزم ناخذوه بعين الاعتبار كيف اناقشو مواضيع كيف علاقة الدين بالدولة... يعني مش على أريكة و من برج عاجي ما يهموش في المعطيات الواقعية و إلا يرفضها بش انجمو ناقشو بشكل جدي علاقة الدين بالدولة في الظرفية التاريخية إلي نعيشو فيها...هذية طريقة متاع ثقفوت معزولين على شعوبهم و طرفياتهم التاريخية.. يعطيو فينا في وصفات الحلول كاينهم طبة و عندهم.. كيفاش سميتها إنت؟ إي "تنزيل العزيز الحكيم"
أية دبر راسك قاعد تغرق في الموضوع هذا و يلزم تشارك معانا في نقاش الرديون إلي لامحالة مازال عليه شوية وقت حتى نتلهى
اتركوا لنا الدنيا ولكم الأخرة وعذاب القبر
كثر الحديث في المدة الأخيرة على عديد المدونات والصحف التونسية عن العلمانية وإن كان الحديث في أغلب الأحيان جدليا إلى حد السفسطة والسجال.
إلا أنه ما إسترعى انتباهي هو أن تناول الموضوع في حد ذاته خطوة هامة في تجاوز عتبة المحضور والمسكوت عنه.وأن العلمانية التي كانت تحال بهالة من الضبابية و القدسية لدى البعض أصبحت موضوعا مطروحا لدى جل النخب الفكرية التونسية.وفي رأيي،من دوافع عودة العلمانية للطفو على سطح مشاغل الساعة هي النزعة الاسلاموية اللتي اصابت إن صح القول المجتمع التونسي منذ أحداث 11 سبتمبر وغزو العراق وانتفاضة الأقصى.
ولن اتعرض لاحقا إلى ما نشر هنا لدى طارق الكحلاوي أو هنا لدى عماد حبيب بقدر ما ساتناول المسألة من جانب غير موضوعي لاني أقولها واكرر انني علماني متطرف ولا اتشرف بالأنتماء إلى دين ينتمي له بن لادن وأمثاله.وأني أتقارب مع عماد حبيب بكونه على عكس ما يرفعه الاخوان المسلمون في مصر بان الاسلام هو الحل أعتقد أن الاسلام هو المشكل!!!!
في تونس،اتسمت العلمانية والتيار الحداثي بملازمتها لمشاغل النخب ،واكرر على مستوى النخب،لان في بلد 60 ٪ من سكانه ذوي مستوى تعليمي ثانوي فأقل وثقافتهم مقتصرة على جريدة الشروق وحديث المقاهي،لا يمكن أن تخص فيه العلمانية إلا فئة محدودة .
وكان لزعيم حبيب بورقيبةمع كل ما أمكنه من مقت لهاته الطاغية الفضل في زرع هذه النزعة وخلق هذه الديناميكية لكونه حداثيا تشبع بمباديء التنوير في فرنسا وبلور ذلك في سياسته من إعطاء المرأة حقوقا تعتبر ثورية إلى يومنا هذا من سفور ومنع تعدد الزوجات والافطار في رمضان مجابهة للقيض.
لذا فيمكن إعتبار التجربة التونسية '' تجربة سباقة '' مقارنة بالبلدان المجاورة لها.إلى أنه في السنوات الأخيرة، '' النزعة الاسلاموية '' للمجتمع التونسي جائت كشكل من الاحتجاج على الوضع الراهن والاحساس بالضلم والقهر والحرمان.فمن مضاهر هذا الاسلام المنغلق هي هذا الطوفان من إعلانات الشعوذة والسحر وإقبال الناس عليها.وهي تكرس سذاجة وجهل التونسيين بما أنهم يصدقون كون القران يشفي السرطان والحبة السوداء دواء لكل داء. كما يتسم هذا الاسلام بنبذه لكل شكل من أشكال الطرح الفلسفي للدين أذكر على سبيل المثال أنو في راديو جبانة الزيتونة لم يقع ذكر كلمة معتزلة أو قراانين أو تناول لنص من نصوص الغزالي أو إبن رشد ولو مرة واحدة . وهنا يتوجب الوقوف أمام كل ما يهدد المكتسبات العلمانية في تونس وسأعود قريبا لموضوع الحجاب وللحديث بقية...
موضوع شيّق يا طارق وطرحك يساعد على الدخول في الموضوع بشكل مباشر.
من دون التوقّف كثيرا عند أمور بديهية وذكرها قبلي بيغ من نوع انّ العلمانيات الكلّ غير متشابهين كيفما تيّارات الإسلام السياسي زاده علي سبيل المثال وانّ العلمانية ليست "الحلّ" لمشاكل المنطقة، ثمّة نقطتين في كلامك حبّيت نعلّق عليهم بعجالة:
- تحدّثت عن انّه قد يكون من الأفضل ان ننتظر الي ان تصير العلمانية مطلبا شعبيا - كما في تجارب تاريخية سابقة- وهنا أتسائل أولا عن هذه التجارب التي كانت فيها العلمانية مطلبا شعبيا؟ وثانيا، شخصيا لا أؤمن بأنّ الشعب يمكنه ان يحسم بشكل أغلبي في مسألة ذات طابع فكري كهذه المسألة من دون مثقّفين يثيرون نقاشها ويعملون على توضيحها للرأي العام ومن ثمّة تصير تدريجيا مطلبا مقبولا لدى العموم وليس بالضرورة مطلبا جماهيريا.
وثالثا من ناحية منهجية، لا أؤمن كثيرا بضرورة انتظار توفّر كلّ العوامل التي توفّرت في مجتمع ما في مرحلة تاريخية ما كي نبدأ في المطالبة بأمر ما. لأنّ التاريخ لا يعيد نفسه ولأنّ عهد الثورة الفرنسية مثلا لا يمكن ان يتكرّر في المجتمع التونسي أو غيره في القرن الواحد والعشرين، ولذلك فإنّي أرى انّ هذه الفكرة يمكن ان تتحوّل الى رؤية لاتاريخية تعطّل عمليّات الإصلاح المطلوبة في واقعنا، والتي لا شكّ يجب ان تكون بشكل تراكمي تدريجي لا تعادي هويّة المجتمع. ولكن الأكيد لدي ايضا انّها لن تأتي بغتة من عند الجماهير وانّما تطرحها عليها النخب المثقّفة في البداية...
- مسألة الهيمنة الخارجية ودور التيّارات الدينية في مقاومتها: اتفّق معك في ضروة عدم اهمال دور الدين كخزّان روحي يساعد على المقاومة، لكن هذا سلاح ذو حدّين ويجب ترشيده بضغط الفكر العلماني، فإليك مثال حزب اللّه المتواجد في بيئة علمانية بالضرورة ساعدته على ان يلتزم بقضيّة المقاومة دون غيرها، ممّا حصّنه من اغراءات الإستبداد الديني ببقيّة المجتمع، واليك ايضا مثال القاعدة ذات الأصول الوهابية والقادمة - فكريا - من بيئة اجتماعية لا مجال فيها للمطالبة بالعلمانية او التفرقة بين الدين والسياسة والدولة، ممّا ساعد- ولا أقول انّ ذلك كان محدّدا- في فرضها لرؤية دينية متسلّطة كما نرى من ممارساتها اليوم في العراق مثلا...
- نقطة أخرى، انا شخصيا مع التفرقة بين العلمانية واللائكية، لأسباب تاريخية معلومة وايضا أرى انّه بنفس الشكل الذي نستحسن فيه جميعا بروز تيّارات اسلامية معتدلة، من حقّ العلمانيين ان يطمحوا الى بروز تيّارات معتدلة لا علاقة لها ب"جمعية الدفاع عن اللائكية"تسعى فعلا الى احترام الحرّيات الفردية والجماعية بشكل متصالح مع المجتمع وهويّته الثقافية...
ختاما، تعلم مدى حرصي على المشاركة في النقاش حول هذا الموضوع يا طارق، فأرجو ان تكون وضعتني على القائمة...
وللحديث بقيّة
Rien à commenter, c'est vraiment du tape l'oeil. Je retiens le rôle du docteur analyste historien qui vient dresser une cartographie des forces en présence pour expliquer à la masse que les contraires se vallent. De la pure "vision scolastique" (Bourdieu), débarrassée des urgences de l'islamisme et des contraintes qu'il impose aux champs politiques maghrébins. Tandis que tu te complais dans tes typologies et tes relativismes à trois sous, tandis que tu exhibes tes titres scolaires pour donner de l'autorité à tes idées, en jetant l'anathème au passage sur les militants républicains, des intellectuels sont égorgés et des pans entiers de nos sociétés sont fanatisés. Mais bon, on l'a compris, tu es très loin, tu es trop à l'aise. Jamais ta vie ne sera menacée par Abdelhak Layada ou Djamel Zitouni, jamais tu n'auras à subir la loi de Antar Zouabri, d'autres (Américains) ont constitué pour toi un havre sécurisé où tu pourras exercer tes dons de scoliaste (et ton épistémocentrisme de candidat au professorat). Alors, Occupe toi de ta carrière et laisse nous en paix ;-)
نارفاس... شنوة التخلويض هذاية... قولي بلاهي وين بالضبط تحدثت في صلب موضوع الندوينة متاعي؟ آخي تسخايل كي تعبي كلامك بعبارات متاع "مدرسية" (سكولاستيك) و تعاودها عشرة مرات هذاية يعني أنك تناقش؟ و بلاهي ماتزايدش علية في الممارسة السياسية و الارتباط ببلادي... برة إسئل علية و زيد نحي الماسك متاع الأنونيما متاعك مبعد أيجة أحكي معايا و زايد علية... ما فمة ما أبهم و أكثر دوغمائية من جماعة الجيا كان النوعية متاعكم انتوما
يا سي المسطك بقرونك (أقراها ثلاث نقاط فوق القاف يا جحش) نرفاس.. بش نخليلك التعليق المتوسط متاعك (برغم السبان و الشتم إلي فيه) بش يقراوه الناس إلي يحبو يشوفو شنوة العقد تنجم تعمل في أي كائن بشري... كتبت هل التعليق الأحول الطويل العريض و ماتحبش ترد علية... أش بش تعمل كان جيت تحب ترد علية مالا؟ و في لاخر ما فمة حتى جملة مفيدة... كلام مكسر الكلو سبان ما فيه حتى نية في نقاش الكلو مركبات نقص من المستويات الجامعية (علاش زعمة؟) و أحكام مسبقة على حاجات ما تعرفهاش... واضح من البروفيل متاع كاظم الساهر إلي عاملو "الخلفية الفكرية" متاع واحد عبقري كيفك... أما البروفيل متاعي يا بهيم هذاكة بروفيل موحد متاع المدونات متاعي الكل و عندو طابع بروفيسيونال على خاطر أول مدونة عملتها و هي إلي بديت بيها التدوين كانت مدونة بروفيسيونال... كان جيت تحب تثبت راك شفتها... لكن الناس إلي كيفك و إلي يحوسو ببردعة عادة ديما يغزرو اللوطة وين ساقيهم.. و في إطار مخاطبة القوم الهوش إلي كيفك بما يفهمون نقولك (كيف سبق و قلت لزميلك المرجع النظري الفحل إلي تحدثت عليه): برة شر توة للحفرة المنتنة إلي جيت منها
1)Bah, écoute, je n'ai aucune animosité personnelle envers toi, tu n'es qu'une page internet pour moi, il va de soi que je suis incapable de te haïr. Vraiment !
2) Les histoires de profil, c'est toi qui a commencé à me reprocher mon anonymat, qui ne gêne nullement pour comprendre mes idées.
3) Quant à mes critiques envers tes idées, elles existent, mais tu ne les vois pas, elles concernent ton attitude épistémologique et ta position en tant que sujet de connaissance, directement liées à ton statut de docteur ici exhibé. Mais je pense qu'elles échappent à ta perception, peu habituée à questionner les fondements de son savoir...
4) S'il y a dérapages et excès de ma part, j'en suis sincèrement désolé, j'étais trop révolté par l'effet de diplôme que tu as provoqué chez tes commentateurs.
Sans aucune rancune !
NVS
1)Bah, écoute, je n'ai aucune animosité personnelle envers toi, tu n'es qu'une page internet pour moi, il va de soi que je suis incapable de te haïr. Vraiment !
2) Les histoires de profil, c'est toi qui a commencé à me reprocher mon anonymat, qui ne gêne nullement pour comprendre mes idées.
3) Quant à mes critiques envers tes idées, elles existent, mais tu ne les vois pas, elles concernent ton attitude épistémologique et ta position en tant que sujet de connaissance, directement liées à ton statut de docteur ici exhibé. Mais je pense qu'elles échappent à ta perception, peu habituée à questionner les fondements de son savoir...
4) S'il y a dérapages et excès de ma part, j'en suis sincèrement désolé, j'étais trop révolté par l'effet de diplôme que tu as provoqué chez tes commentateurs.
Sans aucune rancune !
NVS
إرسال تعليق