في الاسلاموفوبيا.. المقال السابع
الحلقة الأخيرة في سلسلة هذه المقالات... على أمل العودة إلى الموضوع في مقال مطول و مسترسل
الرابط و صورة المقال
و نص المقال
في الاسلاموفوبيا (7)
طارق الكحلاوي
إذا حاول بعض "إسلامفوبيي الخدمة" مثل ابن الوراق الاقتراب من "الاسلاموفوبيا الاكاديمية" و لو إسميا و شعاراتيا فإن أكثرهم بروزا من زاوية دعائية هم الذين تبنوا رؤى و طرائق "الاسلاموفوبيا الشعبوية" لاستعدادهم التلقائي للتفاعل مع الخطاب التبسيطي الدعائي للاسلاموفوبيا في شكلها الغربي. الفرق بين الاثنين، "الاسلاموفوبيا الاكاديمية" و تلك "الشعبوية"، هو فرق في الشكل و من ثمة في المضمون. "الاسلاموفوبيا الشعبوية" تعتمد الانتقائية و التعميمية و اللاتاريخية بأشكال فجة تستبعد أبسط القواعد المنهجية في تحليل موضوعي في اختصاص الانسانيات أي قواعد التحليل الأكاديمي. هي أيضا تحرص على خطاب سياسوي فج يأخذ التوظيف الانتقائي لكتاب مثل أبن الوراق إلى مستوياته الأقصى و يضع الاسلاموفوبيا ضمن سياقها الأكثر واقعية أي السياق السياسي. إذ المفردات السياسية هي الساقين الذين يكشفان الدواعي التاريخية لوجود الاسلاموفوبيا في كل ظرفية زمنية و مكانية محددة. في عصرنا الراهن يتركز الخطاب السياسي للاسلاموفوبيا في موضوعة الدعم الآلي للسياسات الاسرائيلية و ليس فقط لـ"حق إسرائيل في الوجود". و مؤتمر "قمة الاسلام العلماني"، المشار إليه منذ الحلقة الثالثة من سلسلة هذه المقالات، نموذج لهذه الأرضية السياسية المشتركة بين أنواع مختلفة من "إسلاموفوبي الخدمة" حيث يبرز الموقف الموالي لإسرائيل كمشروع سياسي في المنطقة بوصفه موقفا جامعا.
مثلما أشرت سابقا هناك علاقة بين مؤتمر "قمة الاسلام العلماني" المنعقد في مدينة سانت بيترسبورغ (ولاية فلوريدا الأميركية) في شهر مارس من العام 2007 و الذي لعب فيه ابن الوراق دورا تنظيميا بارزا بالوسط النيومحافظ و كذلك "اللوبي الاسرائيلي الليكودي" السائد أميركيا. الوجه التنظيمي للعلاقة هو مشاركة "القمة الاستخبارية الدولية" ذات الارتباطات المعروفة بالوسطين النيومحافظ و الاسرائيلي و حتى بعض أوساط المافيا الروسية في تنظيم المؤتمر (أنظر مثلا صحيفة "سانت بيترسبورغ تايمز" التي غطت وقائع المؤتمر 6 مارس 2007). غير أن العلاقة أكثر وضوحا عند التمعن في قائمة المشاركين و في مضامين المداخلات التي تضمنها المؤتمر.
من بين المشاركات في المؤتمر الأميركية و السورية الأصل وفاء سلطان و التي تتبنى روتينيا موقفا إسلاموفوبيا واضحا يتميز بكافة خصائص "الاسلاموفوبيا الشعبوية": "الاسلام هو المشكل" و "بربري"، هذا عدى إعلانها أن "الحروب الصليبية جاءت ردا على تعاليم الاسلام" الأمر المخالف لحقائق تاريخية يعرفها أي طالب مبتدئ في الموضوع بما يعكس الاستعداد الآلي للتعميم و التبسيط الفج الذي يستفز حتى من يمكن أن يكون في صفها من المسلمين (ربما من الأفضل التعرف على عمق هذه الرؤية الاسلاموفوبية الفجة لسلطان من خلال الاطلاع على مقال هشام حسب اللله الاميركي من أصل مصري و المعروف بعدائه القوي لـ"الاسلام السياسي" و الذي عبر في مقال في مارس 2006 عن صدمته من مواقف سلطان بعد أن كان متعاطفا معها، أنظر موقع "altmuslim.com" 13 مارس 2006). و رغم رغبة البعض في تقديمها على أنها "إصلاحية مسلمة" (مجلة "التايم" 30 أفريل 2006) فإن سلطان تؤكد بشكل متواصل أنها بصدد "محاربة الاسلام و ليس الاسلام السياسي فحسب" (مثلما أشارت في كلمة ألقتها في ندوة "رستورياشين وييكاند" التي ينظمها سنويا النيومحافظ هوورويتز في الجلسة المعنونة "النساء في الاسلام" في نوفمبر 2007). السيدة سلطان التي تقدم نفسها عادة "دكتورة وفاء سلطان" لا يوجد حول تاريخها و طريقة انتقالها للولايات المتحدة معلومات واضحة، خاصة أن بعض الأحداث التاريخية التي أشارت إليها مثل مقتل أحد أساتذتها في الحرم الجامعي لجامعة حلب سنة 1979 بوصفها حادثة محورية في حياتها تم التشكيك في حصولها من قبل شهود عيان سوريين (موقع "إين فووكوس نيوز" عدد مارس 2007). لكن سلطان معروفة ليس بدافعها الروتيني عن السياسيات الاسرائيلية بما في ذلك الحرب الأخيرة على غزة فحسب بل أيضا بارتباطها بالشبكة الدعائية الاسرائيلية. إذ البروز الاعلامي لسلطان لم يتم في السياق الغربي إلا إثر إعادة التوظيب (عبر الترجمة للانجليزية و القص الانتقائي) لفيديو مواجهتها في برنامج الاتجاه المعاكس" مع إبراهيم الخولي (21 فيفري 2006) . في مجمل تصريحات و مواقف سلطان يثير طابعها السياسي الانتباه خاصة مثلا عندما تعتبر أن الاسلام هو "أصل الارهاب"، و مثلما اشارت في أكثر من مرة (بما في ذلك في حلقة برنامج "الاتجاه المعاكس" المشار إليها) أن "ليس هناك يهودي فجر نفسه في مطعم ألماني" و هو التصريح الذي لقي ترويجا إسرائيليا دعائيا خاصا (مثل الحوار الذي أجرته معها "الاذاعة القومية الاسرائيلية" في 13 مارس 2006). لكن الملفت بشكل خاص هو الدور الذي لعبه مركز إعلامي يرأسه قيادي سابق في "الموساد" (مركز "ميمري" الاعلامي) في الترويج للبروز الاعلامي لسلطان خاصة عبر التوظيب الانتقائي و الترجمة المشكوك في صحتها لحلقة "الاتجاه المعكس" (الدور الدعائي السياسوي الذي يلعبه هذا المركز لقي اهتماما اعلاميا متزايدا في السنوات الأخيرة و هو ما انعكس في سجال مشهور بين براين ويتيكار الصحفي في جريدة "الغارديان" البريطانية و مدير "مميري" ييغال كارمون في جانفي سنة 2003). كما أن سلطان تشارك مع كارمون في محاضرات مشتركة بما في ذلك تعليقا على حلقة "الاتجاه المعاكس" التي روجت لها "ميمري" (بوسطن 6 نوفمبر 2007).
غير أن موقف سلطان من السياسات الاسرائيلية متماثلة في الأساس مع بقية المشاركين في المؤتمر باختلاف خلفياتهم الفكرية بما في ذلك الذين لا يتبنون بالضرورة مواقف إسلاموفوبية معلنة على الأقل (و هو ما يفسر اللهجة الحذرة لـ"إعلان سانت بيترسبورغ" الذي تخلص إليه المؤتمر). من مثال الألوسي السياسي العراقي الذي برز خاصة بزياراته إلى إسرائيل و تعرضه للمساءلة من قبل مختلف القوى السياسية العراقية على تنوعها على هذا الأساس. إلى الأميركي ذي الأصل الإيراني أمير طاهري و الذي يعتبر ليس داعما للسياسات الاسرائيلية فحسب بل أحد أقطاب النيومحافظين في الولايات المتحدة. إلى توفيق حميد العضو السابق في "الجماعة الاسلامية" المصرية و الذي دافع في مقال أخير مثلا على الحرب الأخيرة على غزة بما أن المسؤولية تقع على الفلسطينيين (صحيفة "الجيروزاليم بوست" 31 ديسمبر 2008). إلى مجدي علام الايطالي ذي الأصل المصري الذي انتقل من الاسلام إلى الكاثوليكية و الذي يدعي أنه يتعرض لتهديدات "تنظيمات فلسطينية إرهابية" مما دفع الحكومة الايطالية لتوفير حماية أمنية له و ذلك أن "دعمه لإسرائيل" بسبب "أن أصل ايديولوجيا الكراهية و العنف و الموت هو التمييز ضد إسرائيل" على حد قوله (تقرير "الاسوسياتد بريس" 22 مارس 2008). غير أن أكثر الأمثلة مباشراتية و تخصصا دعما لإسرائيل من بين المشاركين في "قمة الاسلام العلماني" الأميركية المصرية الأصل نوني درويش مؤسسة جمعية مجهرية تسمى "عرب من أجل إسرائيل" و التي انتقلت من الاسلام الى الانجيلية و معروفة بكتابات اسلاموفوبية أكثر فجاجة و تبسيطا من سلطان ذاتها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق