بمناسبة ذكرى تأسيس الاتحاد: تعليق على شهادة ميليرو في اغتيال حشاد
طبعا مثلما أشر في تدوينة سابقة ذكرى تأسيس الاحاد تحيلنا على عدة أشخاص و تضحيات جماعية و ليست فردية لكن بالتأكيد الشهيد فرحات حشاد لعب دور طليعي في تأسيس هذه المنظمة النقابية العريقة عربيا و افريقيا و حتى دوليا (و هو الأمر الذي تحدثت عنه في نص تبعه نقاش ثري في مجموعة "تاريخ تونس" على فايسبوك على هذا الرابط)... بمناسبة هذا اليوم اتفقنا مجموعة من المدونين على تنشيط النقاش حول اغتيال حشاد و الشهادات الأخيرة الواردة حول الموضوع و العريضة (هنا نص العريضة و هنا قائمة الممضين) التي يتم ترويجها بهذه المناسبة من أجل أن يتحمل المجتمع المدني دوره الطبيعي في هذا المووضع بعيدا عن الحسابات السياسوية و "الوطنية المناسباتية" المحسوبة... خاصة أن موضوع ملاحقة قتلة حشاد هو موقف سياسي و ليس مسألة قانونية مجردة... أشير أيضا إلى أن المجموعة الخاصة بهذا الموضوع في فايسبوك (هنا) وصل عدد أعضاءها إلى أكثر من 2400 عضو.. و تجدون هناك في قسم التدوينات (هنا) آخر الاخبار الخاصة بجهود ملاحقة قتلة حشاد... على كل أردت بهذه المناسبة أن أنشر في مدونتي نص تعليقي على شهادة أنطوان ميليرو المكتوبة حول اغتيال حشاد و الذي سبق أن نشرته (هنا) مدونة "نعم لملاحقة قتلة حشاد"... و هي الشهادة التي وردت قبل سنوات من شريط "الجزيرة الوثائقية" و كنت أشرت إلى ذلك في أول تدوينة (هنا) حول هذا الموضوع
النص المصور للشهادة موجود هنا.. و فيما يلي تعليقي عليها
يجب بدءا الإشارة إلى أنه تم تصدير نص الكتاب بـ"تحذير" من كاتبه بما يلي: "هذا الكتاب يعتمد على شهادات خاصة و أيضا على تحقيقات قام بها كاتبوه"، بما يعني أن الكتاب يتضمن مساهمات لأكثر من شاهد و ليس لميليرو فحسب و بالتالي لا يمكن أحيانا أن نتثبت من دقة المصدر إذا لم تكن هناك إشارة بأنه ميليرو نفسه. النص الخاص باغتيال حشاد جاء في سياق حديث ميليرو عن تعقيدات الوضع في المغرب الأقصى و خاصة الظروف التي أدت الى اندلاع الانتفاضة المسلحة المغربية في شهر ديسمبر سنة 1952 ضد الاحتلال و التي كانت "شرارتها" من تونس و ليس من المغرب مثلما يؤكد الكاتب. يبدأ ميليرو حديثه بالتلميح إلى عدم ارتياح بورقيبة لبروز فرحات حشاد و الذي وصفه بأنه كان "على يسار" بورقيبة و بأنه كان "أكثر راديكالية" منه و أنه كان وراء "الثورة" التي أدت الى الاستقلال من خلال قدرته الخطابية على تحميس مستمعيه من موقعه على رأس المنظمة النقابية التونسية آنذاك "الاتحاد العام التونسي للشغل". في هذا السياق يدعي ميليرو بأن حشاد كان يتبع رؤية "ماركسية لينينية صارمة" (و هو غير صحيح كما هو معروف في الدراسات التاريخية عن حشاد) و هو ما أدى حسب ادعاءات ميليرو إلى استعداء مزدوج من قبل المستوطنين و أنصار بورقيبة على السواء. و جعل هذا الوضع حسب ميليرو حشاد في حالة من "العزلة" إلا من جهة الولايات المتحدة التي اختارت أن تدعمه خاصة من خلال الادارة الامريكية لهاري ترومان التي يقودها الحزب الديمقرطي. و برغم التناقض الواضح الذي يقع فيه ميليرو هنا (دعم الولايات المتحدة لنقابي "بلشفي" كما يسميه) فإنه لا يحاول حتى تفسير اشارته في نفس الفقرة إلى المعطى المعروف المتمثل في انضمام اتحاد الشغل بقيادة حشاد الى "السيزل" و هو التحالف النقابي الدولي المعادي للنقابات الشيوعية.
استهدف ميليرو من هذا التقديم الذي يحتوي على مغالطات بديهية أن يمهد للظروف السابقة مباشرة لعملية الاغتيال إذ يشير إلى أن الانتخابات الرئاسية الامريكية التي جرت في شهر نوفمبر 1952 و التي جلبت إلى البيت الابيض إدارة جمهورية بقيادة الجنرال إيزنهاور قررت التوقف عن دعم هذا "البلشفي". و أدى ذلك حسب ميليرو إلى أن حشاد أصبح معزولا عن "الجميع" و أن مسألة تصفيته أصبحت حينها مسألة وقت. هنا يواصل ميليرو ادعاءاته من خلال اعتبار قرار التصفية و زمنه مشتركا بين بورقيبة (و اتهام خطير هو لا يورد أي براهين عليه خاصة أن ميليرو ليس موجودا ضمن مواقع قرار القيادات التونسية) و رئاسة مجلس الوزراء الفرنسي الذي كان يقوده آنذاك اليميني (و المتعاون سابقا مع حكومة فيشي الموالية للنازية) هو أنطوان بيناي (Antoine Pinay). و يشير ميليرو هنا إلى الذي تم تكليفه بالتنفيذ هو "الفرع التونسي" لمنظمة "اليد الحمراء".
تجب الاشارة هنا إلى أنه في الوقت الذي لا يقدم ميليرو طيلة كتابه أي مؤشرات على أنه على علم بما يدور بخلد القايادات التونسية الوطنية بما في ذلك بورقيبة فإنه يشري بشكل واضح من خلال تقديم تواريخ و أسماء إلى العلاقة الوثيقة بين "اليد الحمراء" و أعلى هرم السلطات الفرنسية. يجب هنا التوقف برهة و الرجوع إلى الفصل الأول من الكتاب و الذي يشير فيه أنطوان ميليرو (تحديدا بين الصفحتين 28 و 29) إلى ظروف تأسيس "اليد الحمراء" سنة 1952 و مشاركة السلطة السياسية الفرنسية بما في ذلك أنطوان بيناي في ذلك. إذ يشير إلى أنه برغم "الاستقلالية الكبيرة" التي كانت تتمتع بها هذه المنظمة إلا أنها كانت تحت الاشراف المباشر للكولونيل مارسال أندري مارسيي (Marcel-André Mercier) بصفته قائد جهاز أمني رسمي و هو "جهاز التوثيق الخارجي و محاربة الجاسوسية" (Service de Documentation Exterieure et de Contre-Espionnage) المعروف باختصار (SDECE). و هنا يشير ميليرو إلى أن هذا الجهاز كان يخضع للاشراف المباشر آنذاك لرئيس الوزراء الفرنسي أنطوان بيناي (و لكن يسبق وجود هذا الجهاز بيناي إذ يرجع تأسيسه إلى نهاية سنة 1940، و سيتم تغيير اسمه من قبل فرانسوا ميتيران سنة 1981 إلى تسميته الراهنة "القيادة العامة للعمليات الخارجية" و المعروف باختصار "DGSE"). يمكن أن نضيف إلى ما قاله ميليرو أن الكولونيل مارسيي الذي كان مشرفا على عمليات المنظمة الارهابية وقت اغتيال حشاد و الذي كان معروفا بين الأوساط المخابراتية باسم "الصغير مارسيي" أقام خلال الخمسينات في سويسرا أين قاد خاصة عمليات مختلفة ضد "جبهة التحرير الوطني" الجزائرية بما في ذلك اغتيال عناصرها المشاركين في تهريب السلاح عبر المجال الأوروبي.
يمر ميليرو إثر ذلك إلى تفاصيل عملية الاغتيال ذاتها. التوقيت السابعة صباحا من يوم 5 ديسمبر 1952 و يشير هنا إلى اختفاء الملاحقة التي كان يتعرض اليها في الايام السابقة من قبل قاتليه. وصف ميليرو لعملية الاغتيال يعكس حقده الواضح على حشاد من خلال الاشارة إلى أنه "جن من الرعب" إثر اصابته برصاصات رشاش قادمة من سيارة يستقلها أربعة أشخاص. لكن ذلك لم يؤد إلى وفاته و حينها أتت سيارة أخرى من نوع "سيمكا أروند" (Simca Aronde) لونها أحمر يميل للبني (grenat) و أشار عليها حشاد بيديه (على شكل صليب) و هو وسط الطريق للتوقف. يوافق راكبوها الثلاثة على نقل حشاد و الذي لم يكن يعلم أنها سيارة التغطية للمجموعة التي قامت بالعملية. و هنا لا يذكر ميليرو ما تم بعدها سوى أن هذه المجموعة تركت جثة حشاد هامدة في أحد الحفر إثر إطلاق رصاصة قاتلة على رأسه.
يشير ميليرو هنا إلى الاتهام الفوري الذي وجهته جريدة "العمل" لسان "الحزب الحر الدستوري الجديد" إلى "اليد الحمراء". ثم يشير إلى كيفية اكتشاف هوية بعض القتلة من قبل الشرطة التونسية حديثة النشأة إثر تسرب الموضوع بعد أربع سنوات (1956) في أحد الحانات التي كانوا يرتادونها في مدينة تونس، حانة (Au Charentais) في شارع باريس. الأول يسمى جون لوسياني (Jean Luciani) تمت تصفيته و هو يستعد لإطلاق النار على أحد مقرات "الحزب الحر الدستوري الجديد" في أحد الضواحي الجنوبية لمدينة تونس. يصف هنا ميليرو ببعض التفصيل العملية و خاصة محاولة التهرب من افتضاح أمره للشرطة التونسية (من خلال تزوير احد الاطباء المتعاونين مع "اليد الحمراء" سبب الوفاة في تصريح الدفن الخاص بلوسياني) و هو الأمر الذي لم يتم تجنبه بما أدى إلى حملة اعتقالات في صفوف متعاونين مع لوشياني بما في ذلك ثلاثة من بين المشاركين في قتل حشاد و الذين يذكر ميليرو أسماءهم كما يلي: "Rouffignac Gilbert "، و " Ruisi Christophe"، و " Aouizerat Martial".
هنا يأتي القسم الأخير و ليس الأقل أهمية من الشهادة التي ينقلها ميليرو و المتعلقة بمصير القتلة الثلاثة الذين تم اكتشافهم و اعتقالهم من قبل الشرطة التونسية. يقول ميليرو أن هؤلاء تعرضوا لـ"التعذيب" من قبل الشرطة التونسية و أن السفير الفرنسي في تونس آنذاك روجي سايدو (Roger Seydoux) قام بكل ما وسعه لإشراك ضباط فرنسيين في التحقيق حتى لا يتم الاستفراد بهم. ميليرو ينقل في الفصل الأول (الصفحتين 31 و 32) مقتطفات من رسالة مؤرخة في 22 سبتمبر 1956 أرسلها سايدو في هذا السياق إلى كاتب الدولة الفرنسي للشؤون الخارجية المكلف بالشؤون المغربية و التونسية يشرح فيها وضع المعتقلين من "اليد الحمراء" و ضرورة تقديمهم أمام محاكم فرنسية و ليس تونسية. ميليرو يتعرض أيضا لجهود محامي المعتقلين لدفع رموز فرنسية للدفاع عن المعتقلين (مثل جون مورياك و الجنرال ديغول) لكن جهوده لم تؤد إلي أي نتيجة. و هنا يقول ميليرو أن المسؤول الفرنسي الوحيد الذي تدخل بحزم في هذا الموضوع و الذي "يتميز بالدفاع عن مواطنيه" هو وزير العدلية آنذاك (أي في سبتمبر 1956) فرانسوا ميتيران و الذي أشرف على تهريبهم بعد الافراج عليهم من خلال ميناء بنزرت. ميليرو يحمل مشاعر خاصة تجاه فرانسوا ميتيران ليس لمساهمته في تهريب عناصر "اليد الحمراء" المتورطين في اغتيال حشاد من تونس فحسب بل لأنه قدم وعدا بمنح العفو العام لكل من تورط في اتهامات خاصة بـ"اليد الحمراء" و هو ما جعله يدعو أصدقاءه للتصويت لميتران في انتخابات سنة 1981.
أخيرا يمكن القيام بملاحظات عامة حول هذا النص:
أولا، فيما يخص عملية اغتيال حشاد كانت هذه الشهادة المكتوبة غير مسبوقة من حيث بعض تفاصيلها و صراحتها عند نشرها سنة 1997 غير أنها لم تكن غير مسبوقة في بعض جوانبها خاصة في مسألة دور "اليد الحمراء" في العملية. تجب الاشارة هنا إلى أن تفاصيل عمل اليد الحمراء كانت في العادة غامضة بما في ذلك دورها في اغتيال حشاد إذ أن رواية السلطات الاستعمارية أصرت على فرضية "دور تونسي" في العملية. إذ أن أول إشارة من قبل "اليد الحمراء" في اغتيال حشاد ترجع إلى سنة 1960 عندما تم نشر كتاب في شكل روائي بعنوان "اليد الحمراء" لروائي سويسري هاوي اختص في النصوص البورنوغرافية و كان يعرف باسم بيار جينيف (Pierre Genève) و اسمه الحقيقي كورت-إيميل شفايزر (Kurt-Emile Schweizer) و الذي يبدو أنه اعتمد بشكل كبير على شهادة أحد مؤسسي "اليد الحمراء" المقيمين في سويسرا. و ترد تفاصيل واضحة في هذا الكتاب (بالتحديد في الصفحة 36) عن دور "اليد الحمراء" في عملية الاغتيال. الجديد في كتاب ميليرو الصادر سنة 1997 هو الطابع الصريح غير الروائي للشهادة و خاصة الدور الرسمي الفرنسي في قرار الاغتيال و تهريب القتلة بعد أربع سنوات من ذلك. غير أن الشهادة الشفوية المعروضة في شريط "اغتيال حشاد" (قناة "الجزيرة الوثائقية" يوم 18 ديسمبر 2009) تتميز بالاضافة إلى ذلك بأنها تحدد مسؤولية الاعتراف في شخص كان يعمل يعمل في "اليد الحمراء" لايزال حيا و بالتحديد على لسانه في حين أن مذكرات سنة 1997 برغم أن كاتبها الرئيسي ميليرو إلا أن الأخير حرص على تعدد المسؤولين على الشهادات الواردة فيها و على المساهمين في الكتاب بما يخلط الأوراق. كما أن الشهادة الشفوية تقدم لنا عمق الحقد الذي يتميز به ميليرو و أمثاله من خلال تأكيده على استعداده لإعادة العملية.
ثانيا، على عكس ما يعتقده البعض لم تمر الرواية التي وردت في كتاب ميليرو بصمت حتى ورودها شفويا على قناة "الجزيرة الثقافية". إذ تفطن لها بعض المؤرخين التونسيين و الإشكال الحقيقي هو أن الاعلام التونسي و أيضا المنظمة النقابية لم يلتقطا أهمية ما ورد في هذه الدراسات. و هنا أنقل عن الصديق و الزميل محمد ضيف الله أنه وقع الرجوع إلى هذا الكتاب على الأقل في ثلاث مقالات لمؤرخين تونسيين في الدورية التابعة لـ"معهد الحركة الوطنية" و هم على التوالي:
-محمد لطفي الشايبي، "ملاحظات حول موقف الاشتراكيين الفرنسيين من تطور تجربة فرحات حشاد النقابية (1936-1952)"، روافد، ع8، 2003، ، ص 95-119
-عبد الواحد المكني، "ظاهرة الاغتيالات السياسية في تونس الخمسينات: مثال الهادي شاكر 13 سبتمبر 1953"، روافد، ع9، 2004، ص 257-268، والإشارة إلى الكتاب وردت في ص 262 الهامش 19
-عميرة علية الصغير، "حول الاغتيال السياسي في المغرب العربي (1950-1970)"، روافد، ع 9، 2004، ص 269-286. وقد وردت الإشارة إلى الكتاب 4 مرات وذلك في الهوامش:33 ص 279 والهامش 35 ص 279 ثم الهوامش 36-37-38-39 ص 280 والهامشان 42 و43 ص 281
ثالثا، مسؤولية ميليرو الشخصية في العملية غير واضحة إلى حد اللحظة. عموما ينسب اليه عمليات اغتيال في المغرب الأقصى و الجزائر (حسب مقدمة مذكراته سنة 1997 صفحة 10). لدى ميليرو سيرة في الاجرام في مجال الحق العام و ليس السياسي فحسب إذ تم اتهامه في السبعينات في قضية قتل رجل أعمال. لكنه نجح عموما في إعادة رسكلة نفسه ضمن سلك البوليس الفرنسي و عرف باسم "مارتيني". لكن من المثير للانتباه أنه يتميز عن بقية الذين كتبوا عن "اليد الحمراء" بمعلومات أكثر استفاضة و دقة بالتحديد عن اغتيال حشاد هذا عدى عن تحمسه المتواصل حتى الآن لعملية الاغتيال. تجب الاشارة أيضا أنه لم يقدم أسماء كافة الذين شاركوا في عملية الاغتيال و اكتفى بمن كانوا مقيمين في تونس عند اكتشاف أحد خلايا "اليد الحمراء" سنة 1956 بما يعني أن بعض أسماء المجموعة الارهابية التي ضمت حسب شهادة ميليرو سبعة اشخاص غير معروفة الى الآن. و هذا يعني أن المعلومات الخاصة التي يملكها ميليرو و سابقية دوره في عمليات اغتيال و قدمه في المجموعة و تواصل الغموض حول بقية الأسماء تجعل ميليرو متهما مثاليا لايزال على قيد الحياة لعملية الاغتيال.
رابعا، من الواضح أن شهادة ميليرو تتم من خلال رؤيته الايديولوجية الاستعمارية و ليست شهادة محايدة. و من هذا المنظار تحديدا يجب أن نفهم إصراره على ترديد الرواية الاستعمارية التي تم إطلاقها منذ اغتيال حشاد يوم 5 ديسمبر 1952 و التي تدعي "دورا تونسيا" في عملية الاغتيال بما في ذلك الادعاء بمعرفة بورقيبة بالعملية لنفي المسؤولية عن الطرف الفرنسي. هذه الرواية الاستعمارية أيضا تعترضها مشكلة أساسية و هي أن تعتمد على تحليل مغالط لشخصية حشاد على أنه "عميل بلشفي" بما يجعله في خلاف ضمني مع قيادة الحزب "الدستوري الجديد" و هو الأمر غير الصحيح.
خامسا، رغم نية المغالطة الواضحة في الرواية الاستعمارية حول "دور تونسي" إلا انه من الضروري الآن أن يتم التحقيق في الارشيف الرسمي التونسي بما في ذلك المصالح الأمنية و العدلية للتعرف عما جرى في التحقيق مع المعتقلين من "اليد الحمراء" في شهر سبتمبر سنة 1956 و عن حقيقة الافراج عنهم برغم اكتشاف ارتباطاتهم بمنظمة "اليد الحمراء" و عملية اغتيال حشاد. إذ أنه حسب هذه المعطيات كان من الممكن محاكمة قتلة حشاد منذ ذلك التاريخ بما أن القتلة كانوا معتقلين لدى الشرطة التونسية حديثة النشأة و التي تمكنت من كشف خيوط خلية "اليد الحمراء".
سادسا، إن النقطة الرئيسية الواردة في هذه الشهادة المكتوبة أو في الشهادة الشفوية الصادرة على قناة "الجزيرة الوثائقية" هي أن عملية حشاد هي عملية إرهاب دولة. و أنها لا يمكن أن تقف عند شخوص المنفذين الذين مات أغلبهم بل تتجاوز ذلك للمسؤولية المعنوية و السياسية لدولة فرنسا. و أنها بعد كل ذلك و ذاك جزءا بسيطا من مشروع الارهاب الاستعماري الذي استهدف إجهاض مشروع التحرر الوطني.
النص المصور للشهادة موجود هنا.. و فيما يلي تعليقي عليها
يجب بدءا الإشارة إلى أنه تم تصدير نص الكتاب بـ"تحذير" من كاتبه بما يلي: "هذا الكتاب يعتمد على شهادات خاصة و أيضا على تحقيقات قام بها كاتبوه"، بما يعني أن الكتاب يتضمن مساهمات لأكثر من شاهد و ليس لميليرو فحسب و بالتالي لا يمكن أحيانا أن نتثبت من دقة المصدر إذا لم تكن هناك إشارة بأنه ميليرو نفسه. النص الخاص باغتيال حشاد جاء في سياق حديث ميليرو عن تعقيدات الوضع في المغرب الأقصى و خاصة الظروف التي أدت الى اندلاع الانتفاضة المسلحة المغربية في شهر ديسمبر سنة 1952 ضد الاحتلال و التي كانت "شرارتها" من تونس و ليس من المغرب مثلما يؤكد الكاتب. يبدأ ميليرو حديثه بالتلميح إلى عدم ارتياح بورقيبة لبروز فرحات حشاد و الذي وصفه بأنه كان "على يسار" بورقيبة و بأنه كان "أكثر راديكالية" منه و أنه كان وراء "الثورة" التي أدت الى الاستقلال من خلال قدرته الخطابية على تحميس مستمعيه من موقعه على رأس المنظمة النقابية التونسية آنذاك "الاتحاد العام التونسي للشغل". في هذا السياق يدعي ميليرو بأن حشاد كان يتبع رؤية "ماركسية لينينية صارمة" (و هو غير صحيح كما هو معروف في الدراسات التاريخية عن حشاد) و هو ما أدى حسب ادعاءات ميليرو إلى استعداء مزدوج من قبل المستوطنين و أنصار بورقيبة على السواء. و جعل هذا الوضع حسب ميليرو حشاد في حالة من "العزلة" إلا من جهة الولايات المتحدة التي اختارت أن تدعمه خاصة من خلال الادارة الامريكية لهاري ترومان التي يقودها الحزب الديمقرطي. و برغم التناقض الواضح الذي يقع فيه ميليرو هنا (دعم الولايات المتحدة لنقابي "بلشفي" كما يسميه) فإنه لا يحاول حتى تفسير اشارته في نفس الفقرة إلى المعطى المعروف المتمثل في انضمام اتحاد الشغل بقيادة حشاد الى "السيزل" و هو التحالف النقابي الدولي المعادي للنقابات الشيوعية.
استهدف ميليرو من هذا التقديم الذي يحتوي على مغالطات بديهية أن يمهد للظروف السابقة مباشرة لعملية الاغتيال إذ يشير إلى أن الانتخابات الرئاسية الامريكية التي جرت في شهر نوفمبر 1952 و التي جلبت إلى البيت الابيض إدارة جمهورية بقيادة الجنرال إيزنهاور قررت التوقف عن دعم هذا "البلشفي". و أدى ذلك حسب ميليرو إلى أن حشاد أصبح معزولا عن "الجميع" و أن مسألة تصفيته أصبحت حينها مسألة وقت. هنا يواصل ميليرو ادعاءاته من خلال اعتبار قرار التصفية و زمنه مشتركا بين بورقيبة (و اتهام خطير هو لا يورد أي براهين عليه خاصة أن ميليرو ليس موجودا ضمن مواقع قرار القيادات التونسية) و رئاسة مجلس الوزراء الفرنسي الذي كان يقوده آنذاك اليميني (و المتعاون سابقا مع حكومة فيشي الموالية للنازية) هو أنطوان بيناي (Antoine Pinay). و يشير ميليرو هنا إلى الذي تم تكليفه بالتنفيذ هو "الفرع التونسي" لمنظمة "اليد الحمراء".
تجب الاشارة هنا إلى أنه في الوقت الذي لا يقدم ميليرو طيلة كتابه أي مؤشرات على أنه على علم بما يدور بخلد القايادات التونسية الوطنية بما في ذلك بورقيبة فإنه يشري بشكل واضح من خلال تقديم تواريخ و أسماء إلى العلاقة الوثيقة بين "اليد الحمراء" و أعلى هرم السلطات الفرنسية. يجب هنا التوقف برهة و الرجوع إلى الفصل الأول من الكتاب و الذي يشير فيه أنطوان ميليرو (تحديدا بين الصفحتين 28 و 29) إلى ظروف تأسيس "اليد الحمراء" سنة 1952 و مشاركة السلطة السياسية الفرنسية بما في ذلك أنطوان بيناي في ذلك. إذ يشير إلى أنه برغم "الاستقلالية الكبيرة" التي كانت تتمتع بها هذه المنظمة إلا أنها كانت تحت الاشراف المباشر للكولونيل مارسال أندري مارسيي (Marcel-André Mercier) بصفته قائد جهاز أمني رسمي و هو "جهاز التوثيق الخارجي و محاربة الجاسوسية" (Service de Documentation Exterieure et de Contre-Espionnage) المعروف باختصار (SDECE). و هنا يشير ميليرو إلى أن هذا الجهاز كان يخضع للاشراف المباشر آنذاك لرئيس الوزراء الفرنسي أنطوان بيناي (و لكن يسبق وجود هذا الجهاز بيناي إذ يرجع تأسيسه إلى نهاية سنة 1940، و سيتم تغيير اسمه من قبل فرانسوا ميتيران سنة 1981 إلى تسميته الراهنة "القيادة العامة للعمليات الخارجية" و المعروف باختصار "DGSE"). يمكن أن نضيف إلى ما قاله ميليرو أن الكولونيل مارسيي الذي كان مشرفا على عمليات المنظمة الارهابية وقت اغتيال حشاد و الذي كان معروفا بين الأوساط المخابراتية باسم "الصغير مارسيي" أقام خلال الخمسينات في سويسرا أين قاد خاصة عمليات مختلفة ضد "جبهة التحرير الوطني" الجزائرية بما في ذلك اغتيال عناصرها المشاركين في تهريب السلاح عبر المجال الأوروبي.
يمر ميليرو إثر ذلك إلى تفاصيل عملية الاغتيال ذاتها. التوقيت السابعة صباحا من يوم 5 ديسمبر 1952 و يشير هنا إلى اختفاء الملاحقة التي كان يتعرض اليها في الايام السابقة من قبل قاتليه. وصف ميليرو لعملية الاغتيال يعكس حقده الواضح على حشاد من خلال الاشارة إلى أنه "جن من الرعب" إثر اصابته برصاصات رشاش قادمة من سيارة يستقلها أربعة أشخاص. لكن ذلك لم يؤد إلى وفاته و حينها أتت سيارة أخرى من نوع "سيمكا أروند" (Simca Aronde) لونها أحمر يميل للبني (grenat) و أشار عليها حشاد بيديه (على شكل صليب) و هو وسط الطريق للتوقف. يوافق راكبوها الثلاثة على نقل حشاد و الذي لم يكن يعلم أنها سيارة التغطية للمجموعة التي قامت بالعملية. و هنا لا يذكر ميليرو ما تم بعدها سوى أن هذه المجموعة تركت جثة حشاد هامدة في أحد الحفر إثر إطلاق رصاصة قاتلة على رأسه.
يشير ميليرو هنا إلى الاتهام الفوري الذي وجهته جريدة "العمل" لسان "الحزب الحر الدستوري الجديد" إلى "اليد الحمراء". ثم يشير إلى كيفية اكتشاف هوية بعض القتلة من قبل الشرطة التونسية حديثة النشأة إثر تسرب الموضوع بعد أربع سنوات (1956) في أحد الحانات التي كانوا يرتادونها في مدينة تونس، حانة (Au Charentais) في شارع باريس. الأول يسمى جون لوسياني (Jean Luciani) تمت تصفيته و هو يستعد لإطلاق النار على أحد مقرات "الحزب الحر الدستوري الجديد" في أحد الضواحي الجنوبية لمدينة تونس. يصف هنا ميليرو ببعض التفصيل العملية و خاصة محاولة التهرب من افتضاح أمره للشرطة التونسية (من خلال تزوير احد الاطباء المتعاونين مع "اليد الحمراء" سبب الوفاة في تصريح الدفن الخاص بلوسياني) و هو الأمر الذي لم يتم تجنبه بما أدى إلى حملة اعتقالات في صفوف متعاونين مع لوشياني بما في ذلك ثلاثة من بين المشاركين في قتل حشاد و الذين يذكر ميليرو أسماءهم كما يلي: "Rouffignac Gilbert "، و " Ruisi Christophe"، و " Aouizerat Martial".
هنا يأتي القسم الأخير و ليس الأقل أهمية من الشهادة التي ينقلها ميليرو و المتعلقة بمصير القتلة الثلاثة الذين تم اكتشافهم و اعتقالهم من قبل الشرطة التونسية. يقول ميليرو أن هؤلاء تعرضوا لـ"التعذيب" من قبل الشرطة التونسية و أن السفير الفرنسي في تونس آنذاك روجي سايدو (Roger Seydoux) قام بكل ما وسعه لإشراك ضباط فرنسيين في التحقيق حتى لا يتم الاستفراد بهم. ميليرو ينقل في الفصل الأول (الصفحتين 31 و 32) مقتطفات من رسالة مؤرخة في 22 سبتمبر 1956 أرسلها سايدو في هذا السياق إلى كاتب الدولة الفرنسي للشؤون الخارجية المكلف بالشؤون المغربية و التونسية يشرح فيها وضع المعتقلين من "اليد الحمراء" و ضرورة تقديمهم أمام محاكم فرنسية و ليس تونسية. ميليرو يتعرض أيضا لجهود محامي المعتقلين لدفع رموز فرنسية للدفاع عن المعتقلين (مثل جون مورياك و الجنرال ديغول) لكن جهوده لم تؤد إلي أي نتيجة. و هنا يقول ميليرو أن المسؤول الفرنسي الوحيد الذي تدخل بحزم في هذا الموضوع و الذي "يتميز بالدفاع عن مواطنيه" هو وزير العدلية آنذاك (أي في سبتمبر 1956) فرانسوا ميتيران و الذي أشرف على تهريبهم بعد الافراج عليهم من خلال ميناء بنزرت. ميليرو يحمل مشاعر خاصة تجاه فرانسوا ميتيران ليس لمساهمته في تهريب عناصر "اليد الحمراء" المتورطين في اغتيال حشاد من تونس فحسب بل لأنه قدم وعدا بمنح العفو العام لكل من تورط في اتهامات خاصة بـ"اليد الحمراء" و هو ما جعله يدعو أصدقاءه للتصويت لميتران في انتخابات سنة 1981.
أخيرا يمكن القيام بملاحظات عامة حول هذا النص:
أولا، فيما يخص عملية اغتيال حشاد كانت هذه الشهادة المكتوبة غير مسبوقة من حيث بعض تفاصيلها و صراحتها عند نشرها سنة 1997 غير أنها لم تكن غير مسبوقة في بعض جوانبها خاصة في مسألة دور "اليد الحمراء" في العملية. تجب الاشارة هنا إلى أن تفاصيل عمل اليد الحمراء كانت في العادة غامضة بما في ذلك دورها في اغتيال حشاد إذ أن رواية السلطات الاستعمارية أصرت على فرضية "دور تونسي" في العملية. إذ أن أول إشارة من قبل "اليد الحمراء" في اغتيال حشاد ترجع إلى سنة 1960 عندما تم نشر كتاب في شكل روائي بعنوان "اليد الحمراء" لروائي سويسري هاوي اختص في النصوص البورنوغرافية و كان يعرف باسم بيار جينيف (Pierre Genève) و اسمه الحقيقي كورت-إيميل شفايزر (Kurt-Emile Schweizer) و الذي يبدو أنه اعتمد بشكل كبير على شهادة أحد مؤسسي "اليد الحمراء" المقيمين في سويسرا. و ترد تفاصيل واضحة في هذا الكتاب (بالتحديد في الصفحة 36) عن دور "اليد الحمراء" في عملية الاغتيال. الجديد في كتاب ميليرو الصادر سنة 1997 هو الطابع الصريح غير الروائي للشهادة و خاصة الدور الرسمي الفرنسي في قرار الاغتيال و تهريب القتلة بعد أربع سنوات من ذلك. غير أن الشهادة الشفوية المعروضة في شريط "اغتيال حشاد" (قناة "الجزيرة الوثائقية" يوم 18 ديسمبر 2009) تتميز بالاضافة إلى ذلك بأنها تحدد مسؤولية الاعتراف في شخص كان يعمل يعمل في "اليد الحمراء" لايزال حيا و بالتحديد على لسانه في حين أن مذكرات سنة 1997 برغم أن كاتبها الرئيسي ميليرو إلا أن الأخير حرص على تعدد المسؤولين على الشهادات الواردة فيها و على المساهمين في الكتاب بما يخلط الأوراق. كما أن الشهادة الشفوية تقدم لنا عمق الحقد الذي يتميز به ميليرو و أمثاله من خلال تأكيده على استعداده لإعادة العملية.
ثانيا، على عكس ما يعتقده البعض لم تمر الرواية التي وردت في كتاب ميليرو بصمت حتى ورودها شفويا على قناة "الجزيرة الثقافية". إذ تفطن لها بعض المؤرخين التونسيين و الإشكال الحقيقي هو أن الاعلام التونسي و أيضا المنظمة النقابية لم يلتقطا أهمية ما ورد في هذه الدراسات. و هنا أنقل عن الصديق و الزميل محمد ضيف الله أنه وقع الرجوع إلى هذا الكتاب على الأقل في ثلاث مقالات لمؤرخين تونسيين في الدورية التابعة لـ"معهد الحركة الوطنية" و هم على التوالي:
-محمد لطفي الشايبي، "ملاحظات حول موقف الاشتراكيين الفرنسيين من تطور تجربة فرحات حشاد النقابية (1936-1952)"، روافد، ع8، 2003، ، ص 95-119
-عبد الواحد المكني، "ظاهرة الاغتيالات السياسية في تونس الخمسينات: مثال الهادي شاكر 13 سبتمبر 1953"، روافد، ع9، 2004، ص 257-268، والإشارة إلى الكتاب وردت في ص 262 الهامش 19
-عميرة علية الصغير، "حول الاغتيال السياسي في المغرب العربي (1950-1970)"، روافد، ع 9، 2004، ص 269-286. وقد وردت الإشارة إلى الكتاب 4 مرات وذلك في الهوامش:33 ص 279 والهامش 35 ص 279 ثم الهوامش 36-37-38-39 ص 280 والهامشان 42 و43 ص 281
ثالثا، مسؤولية ميليرو الشخصية في العملية غير واضحة إلى حد اللحظة. عموما ينسب اليه عمليات اغتيال في المغرب الأقصى و الجزائر (حسب مقدمة مذكراته سنة 1997 صفحة 10). لدى ميليرو سيرة في الاجرام في مجال الحق العام و ليس السياسي فحسب إذ تم اتهامه في السبعينات في قضية قتل رجل أعمال. لكنه نجح عموما في إعادة رسكلة نفسه ضمن سلك البوليس الفرنسي و عرف باسم "مارتيني". لكن من المثير للانتباه أنه يتميز عن بقية الذين كتبوا عن "اليد الحمراء" بمعلومات أكثر استفاضة و دقة بالتحديد عن اغتيال حشاد هذا عدى عن تحمسه المتواصل حتى الآن لعملية الاغتيال. تجب الاشارة أيضا أنه لم يقدم أسماء كافة الذين شاركوا في عملية الاغتيال و اكتفى بمن كانوا مقيمين في تونس عند اكتشاف أحد خلايا "اليد الحمراء" سنة 1956 بما يعني أن بعض أسماء المجموعة الارهابية التي ضمت حسب شهادة ميليرو سبعة اشخاص غير معروفة الى الآن. و هذا يعني أن المعلومات الخاصة التي يملكها ميليرو و سابقية دوره في عمليات اغتيال و قدمه في المجموعة و تواصل الغموض حول بقية الأسماء تجعل ميليرو متهما مثاليا لايزال على قيد الحياة لعملية الاغتيال.
رابعا، من الواضح أن شهادة ميليرو تتم من خلال رؤيته الايديولوجية الاستعمارية و ليست شهادة محايدة. و من هذا المنظار تحديدا يجب أن نفهم إصراره على ترديد الرواية الاستعمارية التي تم إطلاقها منذ اغتيال حشاد يوم 5 ديسمبر 1952 و التي تدعي "دورا تونسيا" في عملية الاغتيال بما في ذلك الادعاء بمعرفة بورقيبة بالعملية لنفي المسؤولية عن الطرف الفرنسي. هذه الرواية الاستعمارية أيضا تعترضها مشكلة أساسية و هي أن تعتمد على تحليل مغالط لشخصية حشاد على أنه "عميل بلشفي" بما يجعله في خلاف ضمني مع قيادة الحزب "الدستوري الجديد" و هو الأمر غير الصحيح.
خامسا، رغم نية المغالطة الواضحة في الرواية الاستعمارية حول "دور تونسي" إلا انه من الضروري الآن أن يتم التحقيق في الارشيف الرسمي التونسي بما في ذلك المصالح الأمنية و العدلية للتعرف عما جرى في التحقيق مع المعتقلين من "اليد الحمراء" في شهر سبتمبر سنة 1956 و عن حقيقة الافراج عنهم برغم اكتشاف ارتباطاتهم بمنظمة "اليد الحمراء" و عملية اغتيال حشاد. إذ أنه حسب هذه المعطيات كان من الممكن محاكمة قتلة حشاد منذ ذلك التاريخ بما أن القتلة كانوا معتقلين لدى الشرطة التونسية حديثة النشأة و التي تمكنت من كشف خيوط خلية "اليد الحمراء".
سادسا، إن النقطة الرئيسية الواردة في هذه الشهادة المكتوبة أو في الشهادة الشفوية الصادرة على قناة "الجزيرة الوثائقية" هي أن عملية حشاد هي عملية إرهاب دولة. و أنها لا يمكن أن تقف عند شخوص المنفذين الذين مات أغلبهم بل تتجاوز ذلك للمسؤولية المعنوية و السياسية لدولة فرنسا. و أنها بعد كل ذلك و ذاك جزءا بسيطا من مشروع الارهاب الاستعماري الذي استهدف إجهاض مشروع التحرر الوطني.
2 التعليقات:
شكرا طارق على الجهد الكبير الذي بذلته حتى لا تمرّ هذه الذكرى في غفلة كما صادف أو كما شاء لها البعض. فحشاد أسّس الكرامة بتأسيسه للاتحاد
الصديق "باخوس" شكرا لمجهوداتك أنت.. إذ كنت خلف تنشيط هذه الذكرى... حشاد و ذكرى تأسيس الاتحاد كنز كبير لدي شعبنا.. نموذج للاقتداء ليس كأيقونة جامدة من الماضي بل خاصة في أزمان صعبة يبدو فيها للبعض أن هذا الشعب يفتقد أي قدرة للعمل الخلاق
إرسال تعليق