الجمعة، جوان 22، 2007

حماس تخاطب الإدارة الأمريكية عبر التايمز و الواشنطن بوست

في حادث إعلامي غير معتاد فتحت أهم صحيفتين سياسيتين في الولايات المتحدة صفحاتهما أمام حركة حماس للتعبير عن موقفها و لكي تتوجه برسالة حوار للإدارة الأمريكية. فقد نشر أحمد يوسف، المستشار السياسي لإسماعيل هنية رئيس وزراء "حكومة الوحدة الوطنية"، مقال رأي بشكل متزامن في كل من النيويورك تايمز و الواشنطن بوست و ذلك بتاريخ 20 جوان الجاري. يبدو أن مديري تحرير الصحيفتين قد تلفا بسرعة المقال و نشراه بدون التثبت من إمكانية نشره في الصحيفة الأخرى (من المعروف أن الصحيفيتين تتنافسان عادة على مستوى الخبر و التحليل السياسيين في المشهد الإعلامي الصحفي الأمريكي). و هذا المعطى وحده يشير إلى رغبة جدية في بعض الأوساط بما في ذلك في أوساط إعلامية مؤثرة لـ"لإستماع" إلى حماس. أعتقد أن مبادرة حماس (و هي ليست الأولى) و رد فعل تلك الأوساط الأمريكية مؤشرات مشجعة. حيث ليس من الصعب أن نرى أن حماس قد بدأت منذ فترة (خاصة منذ خروج مؤسسها الشيخ ياسين من السجن) في مسار مراجعة لخطتها السياسية. و هو ما تم تتويجه في السنين الأخيرة بمشاركتها في الإنتحابات و قبولها "إحترام" قرارات الشرعية الدولية و إعلانها و تمسكها بسلسلة من الهدنات لفسح المجال أمام حلحلة الوضع عبر القنوات السياسية. و بذلك تبرهن على إيمانها بسياسة واقعية تجاه الصراع لا يفرط في حق إستعمال القوة دون التغافل عن أهمية الخطوات السياسية المرحلية. و قد أكد أحمد يوسف كل هذه المعاني في مقاله (المعنون في التايمز "ماذا تريد حماس" و في البوست "تعاملوا مع حماس") بشكل يوحي أنه يمثل رغبة في تسويق رؤية حركته ضمن السياق السياسي الأمريكي بوصفها طرفا يعرف القيام بأشياء أخرى بالإضافة للإمساك بالسلاح.

و مثلما أشرت في السابق و على أساس تحاليل وردت في بعض الأوساط الأمريكية (الواشنطن بوست، "شيوخ" الإدارة الأمريكية...) فإنه رغم كل ما يمكن أن يقال في علاقة بما جرى في غزة، يبدو أن لهذا الحدث أبعادا أخرى غير معاني "الإقتتال الفلسطيني" و "الانقلاب على الشرعية". إن النتيجة التي لم تكن ربما الإدارة الأمريكية تتوقعها أن الدفع ببعض التيارات داخل فتح نحو "إستئصال" حركة حماس في غزة أدى لإمساك الأخيرة بالسلطة كاملة في القطاع. و لكن ذلك ليس ضرورة أمر سيئ من مختلف زوايا أطرفا الصراع. إذ ربما يساهم إمسكاك حماس بالسلطة في غزة إلى مزيد إقتناعها بالضرورات الخاصة لقيادة دفة السياسة و السلطة (مما يزيد في تشبثها بالنهج الواقعي)، كما يساهم في دفع حركة فتح للقيام بما لم ترغب في القيام به لمدة طويلة إزاء معضلات مثل تسيب الإنضباط الحركي و الفوضى على مستوى القيادة و تفشي مظاهر الفساد (و التي زادت إستشراء بإمسكاك محمود عباس لمقاليد الرئاسة و هو المعروف عنه أنه أقل حزما من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات). لكن كل ذلك مرهون بوجود إستجابة دولية لتفهم موازين القوى الجديدة و العمل على تطويعها في الاتجاه الصحيح. و هو الأمر الذي يبدو أن بعض الأوساط الأمريكية تقدر أهميته الآن

0 التعليقات: