الأربعاء، ماي 30، 2007

سماح إدريس، نموذج المثقف الشاب، و الليبراليين المغشوشين



دعني أكون صريحا... لا يوجد ما يكفي من المثقفين في هذا الزمن الأحول... الأدعى للنواح أن ينتحل شخصية المثقف من لا يملك سوى ربطة عنق و شال حريري... و نظارات من آخر موديل... فذلك كافي لدى البعض حتى يتم تعميدك بماء الجردل و البصاق "مثقفا" من الطراز الأول.
العزاء أنه يوجد رغم كل ذلك الغبار من لم يتم نهب عقله و شرفه الثقافي... و من يستطيع أن ينبس بشيئ من الذكاء.... الصديق سماح إدريس وارث مؤسسة "الآداب" البيروتية العملاقة (الباقية رغم كل الورق المطبوع زورا) من الذين يكتبون العقل بجمال. الأكثر جلبا للإهتمام و السعادة أن سماح (و الذي خاطبته أول مرة على أنه إمرأة "لأننا في تونس نسمي البنات فقط سماح" مثلما قلت له بارتباك بالغ، و لكن "ذلك ليس مهما على الإطلاق" أجابني من أصبح منذ تلك اللحظة صديقا إفتراضيا)، ما يجلب الإهتمام و السعادة إذا أن سماح مثقف شاب و هو صنف بالغ الندرة الآن. هو أيضا شخص يحتج بأناقة المثقف متى يصبح ذلك ضروريا مثلما كان الحال في "حرب الصيف" الأخيرة. نسيت أن أقول أن سماح كاتب قصص أطفال بارع (و كذلك ناجح تجاريا!).

المميز في الفقرات التي سأنقلها هنا من مقدمة مقاله الصادر اليوم في القدس العربي أنها تواجه الشعبوية بشكل راديكالي... و لكنها شعبوية غير منتظرة، شعبوية متوارية وراء غطاء كثيف من "الليبرالية" و "التقدمية" و "الحداثة"، باختصار ليبرالية مغشوشة بتزويق و ماكياج بدوي .
أرجو لمن لا يستطيع تحمل بعض الذكاء المعقد بعربية فصحى الإمتناع عن قراءة مقاله هذا.

" أسوأ ما في الصحافة الثقافية والاعلام شبه الثقافي هو ان يتصدي مثقفون عرب، وباسم الوعي النقدي الحديث ، للبني التقليدية المتخلفة، والغيبية العربية، والسلطات القومية المستبدة، والظلامية الاسلامية، واليسار الديكتاتوري.. لكنهم لا يلبثون ان يمتدحوا الاعتدال السعودي والوهابي والجنبلاطي، والمرونة المصرية، والواقعية الفلسطينية، والعقلانية الغربية. هكذا، مثلا، نقرأ ادونيس ينتقد الهياكل الثابتة والاصوليات العربية انتقادا استشراقيا مليئا بالعموميات والاحادية (علي طريقة رافاييل باتاي احيانا)، لكنه يكرس كتابا كاملا، اختار نصوصه وقدم له هو والدكتورة خالدة سعيد، في فكر الشيخ الامام محمد بن عبد الهاب ، وذلك ضمن سلسلة ديوان النهضة: دراسات ونصوص تمثل رؤية جديدة للنهضة العربية (بيروت: دار العلم للملايين، 1983). وهكذا تحول احد عتاة الفكر الجامد والثابت، وعلي يد احد رموز الحداثة، الي احد رواد النهضة العربية!(1) وبالمثل، وان علي مستوي فكري ادني بكثير، نجد شاكر النابلسي، بعد ان طلق الماركسية والقومية ثلاثا، يمتدح شعر (نعم، بكسر الشين) الامير خالد الفيصل، بل ويعده من رواد الحداثة والفكر العربي.(2) وكنت في سنة ماضية قد ذكرت كيف تحول كثير من مثقفي الحداثة في لبنان الي مبخرين للماكينة الحريرية، بحيث جيروا حداثتهم وعلمهم الكبير في مديح الرئيس الراحل رفيق الحريري، وخليفته الشيخ سعد، وصديقهما الرئيس السنيورة. طبعا من حق اي كان ان يمتدح من يعتبره اهلا للمديح، ولكن ان يصبح الحريري شاعر الامكنة علي لسان شاعر الحداثة بول شاوول (في برنامج خليك بالبيت علي شاشة المستقبل شتاء العام 2005)، وان يصبح الرئيس الراحل نفسه مثقفا ما بعد حداثيا (لو كان حداثيا فقط لفهمنا!) ذا فكر مركب، خلاق، متعدد الوجوه علي لسان مثقف العقل التحولي والناقد التفكيكي لـ اوهام النخبة علي حرب (وعلي الشاشة نفسها)، فذلك ما يزرع الشك في النفوس."

بقية المقال على هذا الرابط.


Update
بعد التراسل مع الصديق سماح إدريس تبين للأسف أن صحيفة القدس العربي قد أخذت نص إفتتاحيته للعدد الجديد من مجلة الآداب دون علمه و نشرتها مع كثير من الأخطاء اللغوية... و قد فاجئني أن يحدث ذلك من قبل هيئة تحرير القدس العربي المشهود لها بالمهنية... .

1 التعليقات:

عماد حبيب يقول...

أدونبيس يكتب عن عبد الوهاب ؟؟؟؟

رؤية جديدة للنهضة العربية


و قبله مظفر النواب في أبوا ظبي في ظيافة نفس الشيوخ أولاد الـ
...

صديق عراقي قديم قال لا تحكموا على شاعر قبل موته


هل ينقصنا أزمات لتزيدنا أزمة مثقفين يا طارق ؟

nb :
أنا لم أقرأ الكتاب المذكور، أبني تعليقي فقط على ما فهمته من النص أعلاه



رؤية جديدة للنهضة العربية