بيزنس "صحافة البيزنس".... حرب أم إحتكار "صحافة الإقتصاد" في العالم؟
صادف في الأمس أن كانت بعض مشاغلي "غير المالية"، التي ذهبت لأقضيها في نيويورك، بالقرب من نبض العالم في المال و الأعمال "الوال ستريت". ما لفت إنتباهي هو أن حديث الكثيرين من المنتشرين في ساحات و شوارع هذه المنطقة التي تشبه خلية نحل أيام العمل، بما في ذلك حديث مضاربي البورصة الذين يسرقون بعض الدقائق لسفح الكثير من القهوة في أقل وقت ممكن، متركز حول الإشاعات التي تحوم حول عملية البيع المنتظرة لأسهم شركة "داو جونز" و هي الشركة المالكة للصحيفة الإقتصادية الأكثر تأثيرا في الولايات المتحدة "الوال ستريت جورنال". و في الواقع كنت قد طالعت و شاهدت بعض الأخبار حول هذا الموضوع في الأسابيع الأخيرة لكني لم أكن أتوقع أن أرى سخونة الأجواء بالشكل الذي شاهدته اليوم. و في هذه الحالة يتحول مصدر الخبر الإقتصادي إلي خبر إقتصادي في ذاته. و إلى هذا الحد يمكن أن تنجح الصحافة الإقتصادية بمعزل عما إذا كنا نتفق أو نختلف مع خط تحرير صحيفة "الوال ستريت جورنال" و بمعزل حتى عن معنى "النجاح" في هذه الحالة
و الذي جعل الأمر شديد الإثارة في الموضوع كله هو المنافسة الحامية بين مجموعة من بين أكبر المستثمرين في قطاع الإعلام على المستوى الدولي لشراء أسهم شركة "داو جونز" و القيام بكل ما يمكن فعله بما في ذلك الحملات القوية في منابر إعلامية مختلفة لإغراء أكبر عدد ممكن من أفراد عائلة بانكروفت و هي العائلة المالكة لشركة "داو جونز". فمن جهة أولى طرح أحد أباطرة الإعلام دوليا روبرت موردوخ عرضا مغريا للغاية (شراء السهم الواحد بسعر 60 دولارا) و لكنه يتعرض للعرقلة على الأرحج بسبب السمعة غير الجيدة التي اكتسبها مالك شركة "نيوز كوربز" و التي تملك سلسلة من وسائل الإعلام اليمينية عبر العالم و المقربة من أوساط الحزب الجمهوري خاصة تيار، أو ما تبقى من تيار، المحافظين الجدد و هو ما يتجلي خاصة فيما تقوم به قناة الفوكس الإخبارية و التي لم يعد من الواضح الخط الذي يفصلها عن السياسات الرسمية بعد تعيين أحد صحفييها ناطقا باسم الإدارة... و من الواضح حسب جل الأخبار أن أغلب أعضاء عائلة بانكروفت لا يرغبون في التضحية باستقلالية الصحيفة (أو ما يظهر فيها من إستقلالية) لمالك جديد لا يميز أحياينا كثيرة بين مواقفه السياسية و التصرف الإعلامي المهني.... في مقابل عرض موردوخ قامت كل من شركتي "بيرسون" و "جينرال إلكتريك" بعرض مضاد أقل إغراء (حتى الآن على الأقل) و لكنه يشدد على ضمان إستقلالية الخط التحريري لصحيفة "الوال ستريت جورنال".... و ما يستحق الانتباه في العرض الأخير هو هوية العارضين: فمن جهة تملك شركة "بيرسون" إمبراطورية إعلامية مترامية الأطراف عبر العالم و لكن من أهم ممتلكاتها صحيفة "الفاينانشل تايمز" و هي المنافس الأول لصحيفة "وال ستريت جورنال".... فحسب الأرقام يقتسم كل منهما السوق العالمية في هذا الميدان في حين يرغب كل طرف فيهما منافسة الآخر في ميدانه: ففي أوروبا تزوع "الفاينانشل تايمز" في حدود 250 ألف نسخة يوميا في حين توزع "الوال ستريت جورنال" 81 ألف نسخة. في المقابل توزع الأخيرة في الولايات المتحدة ما يفوق المليون نسخة يوميا في حين لا توزع "الفانانشل" في أمريكا سوى 156 ألف نسخة.... و لهذا تحديدا تصبح عملية البيع في هذه الحالة متجهة لتركيز ملكية أهم صحيفتين إقتصاديتين في العالم في يد شركة واحدة ترغب في التحكم في الإعلام الإقتصادي... و مما يؤكد هذه الفرضية هو مشاركة شركة "جنرال إلكتريك" في هذا العرض حيث أنها تملك، فيما تملك، شبكة قنوات "أن بي سي" بما فيها أكثر قناة تلفزية تأثيرا في الإعلام الإقتصادي أي قناة "سي أن بي سي".... و عموما يبدو حسب التقارير الصحفية المختلفة أن غالبية أعضاء عائلة بانكروفت يميلون لقبول العرض الثاني خاصة إذا ما تم الترفيع بعض الشيء في سعر شراء السهم ليقترب من السعر المقترح من قبل موردوخ... و لكن في الحالتين يبدو أن الأمور تسير في أحد إتجاهين: إما الحرب المستعرة أو الإحتكار المطلق لصحافة الإقتصاد في العالم
و الذي جعل الأمر شديد الإثارة في الموضوع كله هو المنافسة الحامية بين مجموعة من بين أكبر المستثمرين في قطاع الإعلام على المستوى الدولي لشراء أسهم شركة "داو جونز" و القيام بكل ما يمكن فعله بما في ذلك الحملات القوية في منابر إعلامية مختلفة لإغراء أكبر عدد ممكن من أفراد عائلة بانكروفت و هي العائلة المالكة لشركة "داو جونز". فمن جهة أولى طرح أحد أباطرة الإعلام دوليا روبرت موردوخ عرضا مغريا للغاية (شراء السهم الواحد بسعر 60 دولارا) و لكنه يتعرض للعرقلة على الأرحج بسبب السمعة غير الجيدة التي اكتسبها مالك شركة "نيوز كوربز" و التي تملك سلسلة من وسائل الإعلام اليمينية عبر العالم و المقربة من أوساط الحزب الجمهوري خاصة تيار، أو ما تبقى من تيار، المحافظين الجدد و هو ما يتجلي خاصة فيما تقوم به قناة الفوكس الإخبارية و التي لم يعد من الواضح الخط الذي يفصلها عن السياسات الرسمية بعد تعيين أحد صحفييها ناطقا باسم الإدارة... و من الواضح حسب جل الأخبار أن أغلب أعضاء عائلة بانكروفت لا يرغبون في التضحية باستقلالية الصحيفة (أو ما يظهر فيها من إستقلالية) لمالك جديد لا يميز أحياينا كثيرة بين مواقفه السياسية و التصرف الإعلامي المهني.... في مقابل عرض موردوخ قامت كل من شركتي "بيرسون" و "جينرال إلكتريك" بعرض مضاد أقل إغراء (حتى الآن على الأقل) و لكنه يشدد على ضمان إستقلالية الخط التحريري لصحيفة "الوال ستريت جورنال".... و ما يستحق الانتباه في العرض الأخير هو هوية العارضين: فمن جهة تملك شركة "بيرسون" إمبراطورية إعلامية مترامية الأطراف عبر العالم و لكن من أهم ممتلكاتها صحيفة "الفاينانشل تايمز" و هي المنافس الأول لصحيفة "وال ستريت جورنال".... فحسب الأرقام يقتسم كل منهما السوق العالمية في هذا الميدان في حين يرغب كل طرف فيهما منافسة الآخر في ميدانه: ففي أوروبا تزوع "الفاينانشل تايمز" في حدود 250 ألف نسخة يوميا في حين توزع "الوال ستريت جورنال" 81 ألف نسخة. في المقابل توزع الأخيرة في الولايات المتحدة ما يفوق المليون نسخة يوميا في حين لا توزع "الفانانشل" في أمريكا سوى 156 ألف نسخة.... و لهذا تحديدا تصبح عملية البيع في هذه الحالة متجهة لتركيز ملكية أهم صحيفتين إقتصاديتين في العالم في يد شركة واحدة ترغب في التحكم في الإعلام الإقتصادي... و مما يؤكد هذه الفرضية هو مشاركة شركة "جنرال إلكتريك" في هذا العرض حيث أنها تملك، فيما تملك، شبكة قنوات "أن بي سي" بما فيها أكثر قناة تلفزية تأثيرا في الإعلام الإقتصادي أي قناة "سي أن بي سي".... و عموما يبدو حسب التقارير الصحفية المختلفة أن غالبية أعضاء عائلة بانكروفت يميلون لقبول العرض الثاني خاصة إذا ما تم الترفيع بعض الشيء في سعر شراء السهم ليقترب من السعر المقترح من قبل موردوخ... و لكن في الحالتين يبدو أن الأمور تسير في أحد إتجاهين: إما الحرب المستعرة أو الإحتكار المطلق لصحافة الإقتصاد في العالم
و أنا بصدد كتابة هذه الملاحظات في قطار العودة جالت بخاطري حالة الإعلام الإقتصادي في تونس... و بالرغم أن المقارنة بين هذه الامبراطوريات الإعلامية و بعض الملاحق الإقتصادية التي تظهر هنا و هناك هي مقارنة غير ممكنة... إلا أني أعتقد أن كل هذه المعطيات تدفع لاستخلاص بعض الأفكار العامة. منها مثلا أنه بالرغم من أن الظروف الإقتصادية القوية المحيطة بهذه الصحف الاقتصادية هي ما يمنحها رواجا واسعا بهذه الدرجة إلا أن ذلك لا يعني أنه يجب أن تتوفر على اقتصاد صاروخي حتى يمكن لك أن تجد إعلاما إقتصاديا فيه الحد الأدنى من المهنية.... و في الحقيقة لا أعتقد أن الإعلام الإقتصادي في تونس (مثلما أشرت في تدوينة سابقة بما في ذلك المجلة الأساسية المختصة) في مستوى يتناسب حتى مع الظرف الإقتصادي... و هذا يطرح إشكالية في غاية الأهمية: حيث أنه بالرغم من بعض المعدلات و الأرقام التي يتم منحها للإقتصاد التونسي من قبل مؤسسات ذات مصداقية فإنه لا يوجد إعلام يتجاوز مثل تلك الأرقام المجردة ليطرح تقارير و تحاليل تتجه لرؤية أكثر عمقا للوضع الإقتصادي.... و هذا كله يمكن أن يحصل من دون التسييس في هذا الاتجاه أو ذاك (طبعا كل إقتصاد يتقاطع مع ماهو سياسي ضرورة لكن هناك مساحة واسعة لا ترتبط ضرورة بما هو سياسي حيث تصبح الظروف الموضوعية و الحلول التكنوقراطية لها حتمية بمعزل عن الإنتماء السياسي لمن يقوم بالحل و الإصلاح)... أعتقد أن ذلك ممكن و لا توجد موانع موضوعية لكي يتحقق بالرغم من أن اختصاص "صحفي الاقتصاد" ليس اختصاصا متوفرا بسهولة... و من الاشياء التي يمكن أن تقوم بها هذه الصحف مثلا هو تكوين فرق تحقيق صحفية مشتركة من الشبان الراغبين في العمل الجاد تتكون من متدربين على العمل الصحفي يعملون جنبا إلى جنب مع متحصلين على شهادات عليا في العلوم الاقتصادية خاصة أن من بين هؤلاء من لا يستطيع الحصول على شغل.... و هذكا يتم تحقيق أكثر من هدف في وقت واحد بما في ذلك الاستجابة لرغبة موجودة بين التونسيين للإطلاع على أخبار جدية في قالب تبسيطي (و هي أحد أدوار العمل الصحفي) للشؤون الإقتصادية (بجانب رغبتهم في الإطلاع على "الكنز في العالم" و "الريزو متاع البورطابل") و ذلك يتيح بالضررة عبر الوقت لإيجاد جمهور قارئ يزيد مبيعات الجريدة نفسها.... فالإعلام الاقتصادي و نجاحه ليس فقط تعبير عن الوضع الإقتصادي بل هو جزء منه
1 التعليقات:
http://media-academy.gogoo.us
أكاديمية الإعلام الإقتصادي
دكتور أحمد أبو النور – إستاذ وإستشاري الإقتصاديات الحرجة والأزمات
& إستشاري إعلامي السيد رشاد
• عملنا ... هو صناعة الإعلاميين المحترفين .. وتقديم خبراتنا الإستشارية الإعلامية الإحترافية لمختلف وسائل الإعلام ونُزَكِّيك أمام مختلف الجهات الإعلامية التي تتقّدَّم إليها
كيف تتواصل معنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ؟!
يمكنكم التواصل معنا من خلال :
prof_abulnoor@ymail.com
جوَّال مباشر : 0020101575858
إرسال تعليق