الأحد، أوت 10، 2008

الشيء الوحيد الذي أعرفه أنني لن أعود مشلولا، فإما في تابوت أو سيرا على الأقدام

هكذا كانت آخر كلمات درويش للصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان (رئيس تحرير "القدس العربي") في لقاء بينهما في باريس قبل سفره إلى الولايات المتحدة.... هكذا كان درويش مستعدا لتقرير مصيره.... يقبل كل شيئ إلا "الشلل"... مقال عطوان (هنا) احتوى مقاطع مؤثرة بما في ذلك سخريته من "مافيات" قصيدة النثر الذين "يجاملون بعضهم البعض"... و خوفه و تردده الكبير من نشر أي قصيدة جديدة كأنها قصيدته الأولى... و ظروفه المادية الصعبة بعد سنة 1993 إثر قطع مخصصاته المالية من قبل الراحل عرفات ردا على استقالة درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رفضا لاتفاقيات أوسلو... و وحدته الاجتماعية و تجاهل الناس له في هذه الظروف... و خيبة أمله من شعبه في ظروف "أوسلو" التي كان يتوقع رفضا شعبيا لها... تحدث عطوان عن درويش و النساء (هذه الحلقة الضبابية و الغامضة دائما في حياته و شعره)... و عن "مودته الخاصة لأبناء المغرب العربي"... و رفضه المشاركة في "مهرجان ثقافي" معروف (مهرجان "الجنادرية" السعودي) لأن الجهة المنظمة هي "الحرس الوطني" ("ما علاقة العسكر بالثقافة، ألا توجد رابطة أو هيئة أو نقابة تتولى هذه المهمة غير الحرس الوطني؟" علق درويش)... كيف ظل يجلس بقرب المدخنين حتى يستنشق دخان السجائر بعد منعه من التدخين بسبب العمليات المتكررة على قلبه.. في البدئ رفض وقف التدخين لأنه يمتنع عن عيش الشيخوخة... شخص من طينة خاصة... نادرة بلا أدنى مبالغة... درويش يا شاعر...

روابط أخرى:
مقالين لصديق درويش المقرب و أحد مشاركيه في تحرير مجلة "الكرمل" الأدبية الممتازة الناقد السوري صبحي حديدي في نفس العدد اليوم من القدس العربي حول تجربته الشعرية هنا و هنا...

هناك أيضا ملف جريدة "الحياة" بما في ذلك نعي أدونيس لدرويش
... لكن أحلى ما قرأته في نصوص النعي قصيدة سميح القاسم التي أنقلها هنا...

الى محمود درويش


(سميح القاسم)

على ورق السنديان

وُلدنا صباحاً

لأم ندى وأبٍ زعفران

* * *

ومتنا مساءً

بلا أبوين

على بحر غربتنا

في زوارق من ورق السيلوفان

* * *

على ورق البحر،

ليلاً،

كتبنا نشيد الغرقْ

وعدنا احترقنا بنار مطالعنا

والنشيد احترق

بنار مدامعنا

* * *

والورق

يطير بأجنحةٍ من دخان

* * *

وها نحن يا صاحبي،

صفحتان،

ووجهٌ قديمٌ يقلِّبنا من جديدٍ

على صفحات كتاب القلق

وها نحن. لا نحن

ميتٌ وحيٌ

وحيٌ وميت

«بكى صاحبي»

على سطح غربته مستغيثاً

«بكى صاحبي»

وبكى، وبكيت

على سطحِ بيت...

* * *

ألا ليتَ... ليت

ويا ليتَ... ليت

وُلدنا ومتنا على ورق السنديان...


2 التعليقات:

khayati يقول...

مؤثر ورائع ويسلب الحياة معناها الذي نؤمن بأبديته... تبعث بي هذه القصيدة إلى الحوار الذي جار بين الشاعرين هلى صفحات اليوم السابع" شكرا على نقلك القصيد
خ خ

Tarek طارق يقول...

سميح القاسم شاعر كبير.. ربما "تأذى" من ظل توأمه درويش... مقال لفت إنتباهي بالنسبة لعلاقة درويش بـ"فلسطين 48" في جريدة الاخبار... العودة و الرجوع:
http://www.al-akhbar.com/ar/node/85908