الأربعاء، أكتوبر 24، 2007

نقابة صحفيين "مستقلة" أم نقابة صحفيين في إطار إتحاد الشغل؟

يجري صراع في السنين القليلة الماضية في صفوف الصحفيين التونسيين بين مؤسستين تتنافسان على تمثيلهم. الأولى هي الأقدم و تسمى "جمعية الصحفيين التونسيين" و لكن لأسباب مختلفة تراجع دورها التمثيلي من ذلك عدم وجود مهام نقابية لهذه المؤسسة بالإضافة الى تراجع مصداقيتها خاصة عند تجميد عضويتها منذ سنوات في "الاتحاد الدولي للصحفيين" (قبل إرجاع تفعيل عضويتها في مؤتمر موسكو الأخير) و ذلك بسبب اتهامات تخص عدم دفاعها عن "حرية التعبير" الصحفية (و هو ما تم تداركه عبر سلسلة من التقارير السنوية في الأعوام الأخيرة). في إطار هذه الظروف أسس مجموعة من الصحفيين "نقابة الصحفيين التونسيين" (برئاسة الصحفي لطفي الحاجي و الكتابة العامة للصحفي محمود الذوادي) و برزت هذه "النقابة" (التي لم تحظ باعتماد رسمي) في السنين الأخيرة من خلال إصدار سلسلة من التقارير أبرزت الواقع المادي المتردي لكثير من الصحفيين التونسيين (في بعض الصحف لا يتقاض الصحفي أجرا أكثر من 200 دينار شهريا!) بالاضافة لواقع الحريات الصحفية. برغم ذلك شهدت هذه المؤسسة بعض الهزات خاصة بسبب التوجهات السياسية المتضاربة لقيادتها إضافة طبعا لمحدودية نشاظها بفعل طابعها غير الرسمي. لكنها نجحت في إثارة الانتباه الى حاجة الصحفيين التونسيين لتأسيس نقاية مهنية تدافع عن مصالحهم المادية. و أدى ذلك الى قرار الاتحاد العام التونسي للشغل (المؤسسة النقابية العريقة في تونس) تبني الصحفيين التونسيين و احتضان مؤتمر تأسيسي لنقابتهم في إطار اتحاد الشغل. كان ذلك في نهاية الربيع الماضي و هم ما تم عبر استقبال اجتماع قام برئاسته قادة "نقابة الصحفيين التونسيين" و شارك فيه عدد من الصحفيين ينتمي بعضهم لـ"الجمعية". و كان من الملفت للانتباه أن "جمعية الصحفيين" بادرت حينها و لأول مرة لنقاش إمكانية تحويل الجمعية لنقابة مهنية. هذا التجاذب التمثيلي يتكرر هذه الأيام: فقد صدر آخر الاسبوع الماضي الخبر التالي في جريدة الشعب (عدد 20 أكتوبر):

مؤتمر نقابة الصحافيين

أصدرت الاتحاد الجهوي للشغل بتونس البلاغ التالي :

يعلم المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بتونس أن مؤتمر نقابة الصحافيين التونسيين قد تقرر عقده يوم الاحد 28 أكتوبر 2007 على الساعة العاشرة (10.00) صباحا بدار الاتحاد العام التونسي للشغل 29، بطحاء محمد علي تونس.
فعلى المنخرطين الراغبين في الترشح لعضوية المكتب النقابي ممن تتوفر فيهم الشروط القانونية التقدم بمطلب ترشحهم باسم الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس في أجل أقصاه يوم 25 أكتوبر 2007.


و يبدو أنه كرد على ذلك أصدرت "جمعية الصحفيين" اليوم البيان التالي (الذي تلقيت منه نسخة منذ قليل) و فيه

تونس في 24 أكتوبر ‏2007

بــــــلاغ

انعقد صباح اليوم 24 أكتوبر 2007 اجتماع تشاوري بمقر جمعية الصحفيين التونسيين ضم عددا من مناضلات ومناضلي الجمعية ، حول آخر مستجدّات الساحة الصحفية.

وبرز بين المشاركين في هذا الاجتماع توافق على اعتبار أن بعث نقابة وطنية مستقلة للصحفيين التونسيين يعتبر خطوة متقدمة على طريق تجسيد قرار الصحفيين الاستراتيجي ببعث اتحاد الصحفيين التونسيين.

ورأوا أن النظر في مشروع تاريخي بمثل هذه الأهمية يستوجب تشريك عموم الصحفيين في اتّخاذ القرار بشأنه.

وبناء على ذلك تدعو الهيئة المديرة كافة منخرطي الجمعية إلى حضور اجتماع عام يوم الجمعة 26 أكتوبر 2007 على الساعة الثانية بعد الزوال بنزل الهناء الدولي بالعاصمة للنظر في المشروع المقدم في هذا الغرض والبتّ فيه.

عن الهيئة المديرة

رئيس الجمعية

فوزي بوزيان

إن ما يجري يدفعني الى مجموعة من الاستنتاجات

أولا، من الواضح أن "جمعية الصحفيين" تقوم بمبادرات تتسم برد الفعل على مبادرة نقابة الصحفيين و هو ما يشير أننا إزاء صراع ليس حول البرامج و لكن حول حلقات تقليدية و أخرى جديدة تتنافس حول تمثيل الصحفيين

ثانيا، النتيجة المباشرة لذلك ستكون انقسام الصحفيين و هو الأمر السلبي خاصة عند تأسيس نقابة من المفترض أن تستمد قوتها من اتحاد أعضائها أو تمثيلها لعدد واسع من الصحفيين

ثالثا، أصبح من الحتمي أن الصحفيين سيؤسسون نقابة مهنية

رابعا، لم يثبت بعد و بالنظر الى التجربة التاريخية أن نجح عمل نقابي في تونس خارج الاتحاد العام التونسي للشغل و الذي نجح في السنوات الأخيرة الى توسيع صفوفه حتى ضم "نقابة الفنانين التونسيين" و غيرهم... بالرغم من استمرار ضعف (و ليس غياب) الاتحاد من المؤسسات الخاصة

ملاحظة أخيرة: في الاقطار العربية الأخرى هناك تجارب لنقابات "مستقلة" و أهم هذه الأمثلة المثال المصري و لكن ذلك يرجع على الأرجح لضعف اتحادات الشغل الرئيسية و التي تعاني في مصر من ضعف بالغ مما أدى الى تأسيس نقابات بديلة تعاني من الحصار الرسمي و هو الأمر الذي تجسم في إضراب عمال شركة غزل المحلة في السنة الأخيرة.... نقابة الصحفيين المصرية قوية و نجحت منذ أسابيع في تنظيم اضراب (احتجاب عن الصدور) احتجاجا على حبس رؤساء تحرير صحف... و بالمناسبة فقد تم اليوم تأجيل القضية المرفوعة ضد أحدهم... ارئيس تحرير جريدة الدستور ابراهيم عيسى

0 التعليقات: